النهج الشامل لمراحل الحياة
يتقاطع تعزيز الصحة والعافية طيلة الحياة مع جميع مجالات عمل المنظمة، بما في ذلك صحة المرأة قبل الحمل وفي أثنائه وبعده، وصحة المواليد والأطفال والمراهقين وكبار السن. وتهدف المنظمة إلى خفض الوفيات والإصابة بالأمراض، والتصدِّي للمُحدِّدات الاجتماعية والاقتصادية والتجارية لصحة السكان. وبتحديد المراحل الحاسمة طوال الحياة التي تؤثر على الصحة، يمكن إدراك الفرص السانحة لتعزيز الصحة وتناولها على امتداد سلسلة الرعاية.
الصحة الإنجابية وصحة الأمهات والمواليد والأطفال والمراهقين
أُقرت خارطة الطريق لعمل منظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط (2021-2017) بالصحة الإنجابية وصحة الأمهات والمواليد والأطفال والمراهقين بصفتها واحدة من أولوياتها في الإقليم؛ فهي حجر الزاوية لاستراتيجية الأمم المتحدة العالمية بشأن صحة المرأة والطفل والمراهق (2030 – 2016)، وشرط مسبق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030. وتعد مستويات وفيات الأمهات والمواليد والأطفال، وتلبية الحاجة إلى تنظيم الأسرة مؤشرات أساسية لرصد التقدم الذي تحرزه برامج الصحة الإنجابية وصحة الأمهات والمواليد والأطفال والمراهقين في الدول الأعضاء. وللأسف، ما زال التقدم متفاوتاً، مع ما تعانيه البلدان المتضررة بالأزمات الإنسانية من انتكاسات واضحة في هذا الصدد.
وفي 2017، واصلت المنظمة تقديم الدعم التقني في مجال التخطيط الاستراتيجي الوطني. وأطلق العراق والإمارات العربية المتحدة واليمن خططاً استراتيجية، وأُحرز تقدم جيد في أفغانستان ومصر وليبيا والمغرب وباكستان والمملكة العربية السعودية، وقدمت المنظمة الدعم المُركَّز للجهود الوطنية في الجمهورية العربية السورية وتونس. وفي أيلول/سبتمبر، عقدت المنظمة، باﻻشتراك مع صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسف، الاجتماع البلداني السنوي الثالث لمديري برامج صحة الأمهات والأطفال في الإقليم. ووضعت البلدان التسعة عشر المشارِكة خطط عمل لتوسيع نطاق مستوى البرامج الوطنية نحو تحقيق غايات أهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالصحة وتشجيع نقل المعارف والخبرات إلى الدول الأعضاء. وأصدر الاجتماع بياناً مشتركاً أعرب عن التزام الشراكة الصحية العالمية السداسية نحو صحة النساء والأطفال والمراهقين. وتجمع الشراكة السداسية ست وكالات من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات والبرامج ذات الصلة لتحسين صحة النساء والأطفال وإنقاذ أرواحهم، وهذه الوكالات هي: منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (هيئة الأمم المتحدة للمرأة)، والبنك الدولي.
واستجابة للاحتياجات المحددة للصحة الإنجابية وصحة الأمهات في حالات الأزمات، عقدت منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان مشاورة غير رسمية في آب/أغسطس بشأن تحسين مجموعات أدوات الصحة الإنجابية في حالات الطوارئ. باﻹضافة إلى ذلك، انطلق مشروع لتحسين ممارسة تنظيم الأسرة في حالات الطوارئ مع إجراء تقييم لهذه الممارسة في مخيمات اللاجئين في لبنان استناداً إلى توصيات المنظمة بشأن ممارسات استخدام وسائل منع الحمل المأمونة والفعالة.
ولتحسين جودة الرعاية في مجال الصحة الإنجابية وصحة الأمهات، عُرِضت على الدول الأعضاء معايير وأدوات مُحدَّثة وضعتها المنظمة بشأن جودة الرعاية بالأمهات والمواليد، ومنها إصدار حول "معايير تحسين جودة رعاية الأمهات والمواليد في المرافق الصحية" (منظمة الصحة العالمية عام 2016) (Standards for improving quality of maternal and newborn care in health facilities). وكيَّفت جمهورية إيران الإسلامية الأدوات القائمة حسب سياقها المحلي، مما يُشكِّل نموذجاً للبلدان الأخرى في الإقليم. وباﻹضافة إلى ذلك، قدمت المنظمة الدعم التقني إلى فلسطين والسودان في مجال التوجيه بشأن الرعاية الأساسية المبكرة للمواليد، وإلى الجمهورية العربية السورية بشأن الإدارة المتكاملة لصحة الطفولة، والعناية بالمواليد في المنزل في الأوضاع الإنسانية.
وطوال 2017، استمرت المتابعة الوثيقة مع البلدان لدعم تعزيز خدمات تنظيم الأسرة من خلال تنفيذ المبادئ التوجيهية المُسنَدة بالبينات وأفضل الممارسات، مع التركيز على البلدان التي تنخفض بها معدلات انتشار وسائل منع الحمل، بغية مساعدتها في وضع خطط عمل تُموِّلها مؤسسة بيل وميليندا غيتس. وفي إطار هذا المشروع، أُجريت دورة تدريبية لتدريب المدربين بشأن المبادئ التوجيهية المُسنَدة بالبينات لتعزيز خدمات تنظيم الأسرة، واستهدفت الجمعيات الوطنية لطب النساء والتوليد وجمعيات القبالة في الإقليم. وأدى هذا إلى وضع خطط عمل لتعزيز دور القطاع الخاص في توفير خدمات تنظيم الأسرة في البلدان. كما قدمت المنظمة أيضاً المساعدة في أنشطة التدريب الوطنية كما في المغرب وتونس، ووزَّعت المنظمة على الدول الأعضاء المطبوعة المعنونة «عجلة معايير الأهلية الطبية لاستخدام وسائل منع الحمل» (Medical eligibility criteria wheel for contraceptive use) (منظمة الصحة العالمية، 2015) لدعم الأنشطة الوطنية لبناء القدرات وتحسين جودة الخدمات.
وفي تشرين الأول/أكتوبر عام 2017، اعتمدت الدورة الرابعة والستون للّجنة الإقليمية لشرق المتوسط القرار ش م/ل إ 64/ق-4 بشأن المكون الخاص بصحة المراهقين في الاستراتيجية العالمية بشأن صحة المرأة والطفل والمراهق (2030 – 2016). وحثَّ القرار الدول الأعضاء على إعداد و/أو تحديث خطط عمل وطنية لصحة المراهقين باستخدام الإرشادات بشأن تنفيذ عملية تسريع العمل العالمي من أجل صحة المراهقين، ووضع نهج شامل في التخطيط للتدخلات الصحية الخاصة بالمراهقين ورصدها وتقييمها. وتلقت عشر دول أعضاء التدريب على استخدام الإرشادات، وكان السودان أول بلد في العالم يطبق هذه الإرشادات لوضع خطته الاستراتيجية لصحة المراهقين ونمائهم. فضلاً عن ذلك، جرى تعزيز الشراكات مع وكالات الأمم المتحدة المعنية من خلال تنفيذ الإطار الإقليمي للإجراءات الاستراتيجية المشتركة للشباب في الدول العربية/منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (2017-2016) ورصده وتقييمه. وفي غضون ذلك، وُضع بالتشاور مع الدول الأعضاء إطار تنفيذي إقليمي لصحة المواليد والأطفال والمراهقين (2025-2018)، ودليل ميداني تنفيذي إقليمي لصحة الأطفال والمراهقين في الأوضاع الإنسانية.
وتقدم خارطة الطريق لعمل منظمة الصحة العالمية في الإقليم منصة مُحكَمة لتعزيز الجهود الوطنية الرامية إلى تحسين الصحة الإنجابية وصحة الأمهات والمواليد والأطفال والمراهقين باستخدام أحدث تدخلات المنظمة المُسنَدة بالبينات. كما وُضِعت مقترحات مشتركة بين البرامج لدعم تنفيذ المجالات ذات الأولوية للصحة الإنجابية وصحة الأمهات والمواليد والأطفال والمراهقين ضمن خارطة الطريق لتنفيذها في 2019-2018. وستظل الشراكات، لا سيّما مع وكالات الأمم المتحدة الشقيقة المعنية والجهات المانحة الرئيسية، وحشد الموارد، وبناء القدرات الوطنية عناصر بالغة الأهمية في دعم الدول الأعضاء بغية تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030.
التغذية
لا يزال الإقليم يعاني من عبءٍ مزدوجٍ لسوء التغذية. ففي عام 2016، بلغ العدد الإجمالي للأطفال دون سن الخامسة المصابين بالتقزُّم في الإقليم، حسب التقديرات، 20.3 مليون طفل (يمثلون 25.6% من هذه الفئة العمرية). وفي الوقت نفسه، يشهد الإقليم أيضاً تحولاً تغذوياً ساهم في ارتفاع معدلات فرط الوزن والسمنة، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالخمول البدني واتباع نظام غذائي غير صحي. علاوة على ذلك، أشارت التقديرات خلال الفترة 2016 – 2011 إلى أن 40% من الرضع الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر في العالم اعتمدوا في تغذيتهم على الرضاعة الطبيعية حصراً، مقارنة بنسبة الرضع الذين تقتصر تغذيتهم على الرضاعة الطبيعية الحصرية في الإقليم وقدرها 29%، في حين تجاوزت معدلات الرضاعة الطبيعية الحصرية 50% في أفغانستان وفلسطين فقط لتُحقِقا بذلك الغاية العالمية.
وفي 2017، نفَّذت جميع بلدان الإقليم تقريباً برامج للمكِّملات الغذائية وإغناء الأغذية بالمغذِّيات الزهيدة المقدار الأساسية. ووضعت ثمانية بلدان أنظمة لترصُّد التغذية، مع الاستمرار في توفير البينات من أجل وضع البرامج. ومع ذلك، لا يزال معظم الدول الأعضاء بحاجة إلى الدعم التقني بشأن مراقبة الجودة وضمانها. وتحقق بالكامل إقرار اللوائح التنفيذية للمدونة الدولية لقواعد تسويق بدائل لبن الأم في ستة بلدان، في حين تحقق ذلك جزئياً في 12 بلداً.
وستواصل المنظمة دعم اعتماد عقد الأمم المتحدة للعمل من أجل التغذية (2016-2030) وتنفيذه لمواجهة العبء المزدوج لسوء التغذية. وما فتئت المنظمة تعمل مع الدول الأعضاء من أجل وضع إطار عمل لتوسيع نطاق العمل بشأن التغذية، ودعم وضع السياسات الوطنية، وتحديد الأهداف، وتنفيذ الاستراتيجيات، ورصد خطط العمل الوطنية.
الشيخوخة والصحة
أصدرت المنظمة التقرير العالمي الأول عن الشيخوخة والصحة في2015 ، وتلا هذا التقرير اعتماد جمعية الصحة العالمية للاستراتيجية وخطة العمل العالميتين بشأن الشيخوخة والصحة في أيار/مايو 2016. وتُجسِّد كلتا الاستراتيجية وخطة العمل العالميتين نموذجاً مفاهيمياً جديداً للتمتُّع بالصحة في مرحلة الشيخوخة يتمحور حول قدرة كبار السن على أداء وظائفهم، دون الاقتصار على سلامتهم من الأمراض. وفي 2017، واصلت المنظمة تعزيز الجهود الوطنية تمشياً مع الاستراتيجية وخطة العمل العالميتين، وتعاونت مع البلدان لإجراء مسح عالمي يرصد تنفيذهما. وقدم المسح معلومات مُحدَّثة عن التزامات البلدان باتخاذ إجراءات تكفل التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة، وتوفير بيئات مراعية للمسنِّين، ومواءمة النُظُم الصحية مع احتياجات كبار السن من السكان، ووضع نُظُم تتسم بالاستدامة والإنصاف لتوفير الرعاية طويلة الأجل، ورصد هذه النُظُم، وإجراء بحوث عن الصحة في مرحلة الشيخوخة. وعلاوة على ذلك، أجرت المنظمة مسحاً إقليمياً بشأن التمتع بالنشاط والصحة في مرحلة الشيخوخة ورعاية المسنين، وبشأن المدن المراعية للسن ومبادرات الرعاية الصحية الأولية المراعية للمسنين. ولقد عُرضت المعلومات المجمعة في الدورة الحادية والسبعين لجمعية الصحة العالمية في أيار/مايو عام 2018، وتُستَخدَم في تعزيز البرامج الوطنية. وفي الوقت نفسه، يعكف المكتب الإقليمي على وضع دليل تقني إقليمي بشأن تعزيز خدمات الشيخوخة والصحة في البلدان.
وقد نُفِّذت مبادرة المدن المراعية للسن في العديد من المدن في الإقليم. وأحرزت مدينة الشارقة تقدُّماً ملحوظاً في توفير بيئة مراعية للسن تناسب كبار السن بها، وضربت مثالاً ناجحاً تحتذي به سائر المدن، ليس في الإمارات العربية المتحدة فحسب، بل وفي بلدان الإقليم الأخرى. وسيكون من الضروري تضافر الجهود والتنسيق مع الشركاء الرئيسيين للتغلب على الموارد المحدودة المتاحة من أجل دعم برامج التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة في البلدان. وثمة حاجة إلى التعاون الوثيق وإقامة الشبكات لتعزيز البرامج الوطنية بهدف الاستجابة للاحتياجات الصحية غير المُلبَّاة لكبار السن، ولا سيّما في البلدان التي تمر بحالات الطوارئ.
العنف والإصابات والإعاقات، بما في ذلك الوقاية من العمى والصمم
ما فتئت المنظمة تضطلع بدور تقني لوضع المعايير من خلال عملها على جوانب مختلفة للوقاية من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور ومكافحتها، وهو مجال من المجالات ذات الأولوية في خارطة طريق عمل المنظمة في الإقليم (2021-2017). وفي 2017، تم الانتهاء من إعداد تقرير إقليمي للسلامة على الطرق بالتعاون مع كلية جونز هوبكنز بلومبيرغ للصحة العامة، ونُفِّذ المسح الخاص بالتقرير الرابع عن حالة السلامة على الطرق في العالم في 19 بلداً، كما انتهت مصر وتونس من إجراء دراسات لتقدير تكلفة الإصابات الناجمة عن حوادث المرور، واستكملت مصر وباكستان تقييماً لنُظُم رعاية الطوارئ.
وسَعَت المنظمة خلال هذا العام إلى تعزيز أواصر التعاون والتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة في مجال العنف القائم على نوع الجنس. وعقدت المنظمة، بالاشتراك مع هذه الوكالات، اجتماعات إقليمية متعددة القطاعات بشأن العنف القائم على نوع الجنس، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، والخدمات الأساسية للنساء والفتيات اللاتي تتعرضن للعنف، في حين استمر الدعم لتعزيز استجابة القطاع الصحي للعنف القائم على نوع الجنس في أفغانستان وباكستان. وفي غضون ذلك، تم الانتهاء من تقارير لتقييم الاستعداد للوقاية من إساءة معاملة الأطفال في البلدان مرتفعة الدخل في الإقليم بالتعاون مع برنامج الأمان الأسرى الوطني في المملكة العربية السعودية، ونُظِّمت حلقة عملية إقليمية عن استراتيجيات INSPIRE السبع لإنهاء العنف ضد الأطفال خلال المؤتمر الإقليمي العربي الخامس المعني بالوقاية من إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم، الذي عُقِد في تشرين الثاني/نوفمبر في دبي، الإمارات العربية المتحدة.
وبالحديث عن الإعاقة، وفي سياق تفعيل القرار ش م/ل إ 63/ق-3 بشأن تحسين فرص الوصول إلى التكنولوجيات المساعدة، أُجري تقييم سريع في 17 بلداً من بلدان الإقليم، وصدر تقرير لدعم وضع إطار عمل استراتيجي. ونُظِّم أيضاً حَدَث جانبي بشأن التكنولوجيات المساعدة خلال الدورة الرابعة والستين للجنة الإقليمية لشرق المتوسط لإطلاق إعلان إسلام أباد لتحسين فرص الوصول إلى التكنولوجيات المساعدة.
وحتى الآن، وضعت 16 دولة من الدول الأعضاء خطط عملها الوطنية الخمسية بشأن صحة العين، ونقَّحتها وفقاً لخطة العمل العالمية للمنظمة بشأن توفير صحة العين للجميع (2019-2014). وفي 2017، استكملت ستة بلدان تقييمات لحالة خدمات رعاية العين، في حين أنهت ثمانية بلدان تقييمات لنُظُم التدبير العلاجي لاعتلال الشبكية السكري وداء السكري. وواصلت المنظمة تعاونها مع الوكالة الدولية للوقاية من العمى، واستضافت اجتماعاً إقليمياً بشأن الرعاية الصحية للعين للسكان النازحين في كانون الأول/ديسمبر في القاهرة، مصر. وأُجري تحليل لوضع رعاية الأذن والسمع في بلدين اثنين، في حين صيغت خطط وطنية لرعاية الأذن والسمع في ثمانية بلدان. ويحتاج الالتزام السياسي المعلَن عنه في البلدان إلى أن يُترجَم الآن إلى إجراءات برنامجية وإلى الموارد اللازمة المُخصصة. والتنسيق، والعمل متعدد القطاعات، وإنفاذ الأُطُر التشريعية وتنفيذ أُطُر السياسات وتقييمها كلها أمور تسترعي مزيداً من الاهتمام.
التثقيف الصحي وتعزيز الصحة
تعد قلة النشاط البدني أحد عوامل الخطر العشرة البارزة للوفاة على الصعيد العالمي، ويسجل الإقليم، من بين جميع أقاليم منظمة الصحة العالمية، معدلاً مرتفعاً لانتشار الخمول البدني (31%). وفي عام 2014، عُقِد منتدى إقليمي متعدد القطاعات رفيع المستوى حول نهج يمتد طيلة الحياة لتعزيز النشاط البدني في دبي بالإمارات العربية المتحدة، وقد أطلق هذا المنتدى دعوة إقليمية للعمل من أجل النشاط البدني، مع التوصية بمجموعة من التدخلات تستهدف قطاعات بعينها. بعد ذلك، أُنشئت اللجنة التوجيهية الإقليمية المعنية بالنشاط البدني لدعم تنفيذ هذه الدعوة إلى العمل، ووُضِعت مجموعة من الأدوات بغية توجيه إدماج النشاط البدني في الرعاية الصحية الأولية في البلدان. والخطوة التالية هي الاختبار التجريبي لمجموعة الأدوات في ثمانية بلدان وقع عليها الاختيار. ونُظِّمت، في آب/أغسطس عام 2017 بالقاهرة، حلقة عملية مشتركة بين البلدان لتدريب المدربين لدعم بناء القدرات بشأن سياسات النشاط البدني وبرامجه في 13 بلداً.
وفي 2017، شَرَع المكتب الإقليمي في إعداد استراتيجية إقليمية لصحة الفم بالتنسيق مع المركز المتعاون مع منظمة الصحة العالمية للتدريب والبحوث في مجال الصحة العامة للفم والأسنان في جمهورية إيران الإسلامية، وتُرجِمت إلى اللغة العربية المبادئ التوجيهية لصحة الفم التي وضعها المكتب الإقليمي لأفريقيا لنشرها في الإقليم. وفي 2017 كذلك، عُقدت في السودان حلقة عملية وطنية لبناء القدرات في مجال التثقيف الصحي بغية دعم الجهات صاحبة المصلحة الرئيسية لفهم التثقيف الصحي وتوظيفه في الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وستستمر المنظمة في الدعوة إلى الحاجة إلى تعزيز الصحة بوجه عام، وتعزيز النشاط البدني والتثقيف الصحي بوجه خاص، بغية تحسين الحالة الصحية للسكان في جميع مراحل حياتهم. ويُمثِّل التنسيق بين القطاعات المعنية وإقامة الشراكات مع الجهات صاحبة المصلحة الرئيسية أحد العناصر الحاسمة في هذا الصدد.
المُحدِّدات الاجتماعية للصحة، ونوع الجنس، وإدماج الصحة في جميع السياسات
واصلت منظمة الصحة العالمية في 2017 دعمها لتنفيذ إعلان ريو السياسي بشأن المُحدِّدات الاجتماعية للصحة في الإقليم، وتعزيز القدرات القُطْرية لتبني نهج إدماج الصحة في جميع السياسات. ومن صور هذا الدعم تكييف الأُطُر العالمية للمنظمة إقليمياً واختبارها وتنفيذها في الإقليم بما يدعم إدماج المساواة بين الجنسين والإنصاف وحقوق الإنسان في السياسات والخطط الوطنية. فضلاً عن ذلك، استمر التعاون الوثيق مع وكالات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لتعزيز الصحة وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين في العالم العربي. وشارك المكتب الإقليمي أيضاً بنشاط في جهود الأمم المتحدة الجماعية المتصلة بالمساواة بين الجنسين والمبادرات المشتركة بين الوكالات، بما في ذلك مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وجامعة الدول العربية. واستمر الدعم التقني لتعزيز ما تبذله البلاد من جهود لتقوية دور القطاع الصحي في الاستجابة للعنف القائم على نوع الجنس، بما في ذلك في أفغانستان وباكستان.
وعُقِدت، في شباط/فبراير بالقاهرة، حلقة عملية إقليمية لتطبيق نهج إدماج الصحة في جميع السياسات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما شارك الإقليم وساهم في المؤتمر الدولي المعني بإدماج الصحة في جميع السياسات الذي عُقِد في آذار/مارس في آديليد، أستراليا، وسلط الضوء على التقدم في تنفيذ خطة أهداف التنمية المستدامة. وعلى الصعيد القُطْري، أُجريت تقييمات متعمقة للمُحدِّدات الاجتماعية للصحة في عُمان والإمارات العربية المتحدة، وعُقِدت دورة تدريبية على تنفيذ نهج إدماج الصحة في جميع السياسات في المملكة العربية السعودية (بغية تعزيز القدرات من أجل إنشاء وحدة في وزارة الصحة في إطار رؤية عام 2030 وخطة التحوُّل الجديدة في مجال الصحة)، وحصلت الإمارات العربية المتحدة وباكستان على مساعدة في وضع إطار عمل استراتيجي لإدماج الصحة في جميع السياسات واستعراضه من خلال اجتماع لفريق الخبراء، وحصل السودان على الدعم في وضع خارطة طريقه لتنفيذ هذا النهج.
ومن أجل دعم الطلب المتزايد في الإقليم للحصول على الدعم في تطبيق نهج إدماج الصحة في جميع السياسات والتصدي للمُحدِّدات الاجتماعية للصحة، يعكف المكتب الإقليمي حالياً على وضع أداة لإعداد خرائط بالعمل الخاص بإدماج الصحة في جميع السياسات في الإقليم، إلى جانب قائمة من المؤشرات الإقليمية للعمل بشأن المُحدِّدات الاجتماعية للصحة، وإطار عمل إقليمي لإدماج الصحة في جميع السياسات، وكذا منهجية إقليمية لتقييم المُحدِّدات الاجتماعية للصحة في البلدان. وسوف تواصل المنظمة دعمها لتنفيذ إعلان ريو السياسي، وإدراج المُحدِّدات الاجتماعية للصحة والمساواة بين الجنسين بفاعلية في برامج الصحة، وتعزيز قدرة البلدان على تنفيذ نهج إدماج الصحة في جميع السياسات، وتعزيز العمل المشترك بين القطاعات والمشاركة الاجتماعية للتصدي للمُحدِّدات الاجتماعية للصحة والمساواة بين الجنسين.
الصحة والبيئة
تساهم عوامل الخطر البيئية، مثل تلوث الهواء والماء والتربة والتعرّض للمواد الكيميائية وتغيّر المناخ والإشعاع، في حدوث أكثر من 100 مرض وإصابة في جميع البلدان. وتسبب هذه المخاطر البيئية الممكن تجنُّبها 850000 حالة وفاة على الأقل سنوياً (22% من عبء الأمراض الإجمالي، أو حالة وفاة واحدة من بين كل خمس وفيات من إجمالي الوفيات في الإقليم). ويُلاحظ وجود عبء ثلاثي على الصحة البيئية من خلال تأثير حالات الطوارئ والأمراض المعدية والأمراض غير السارية. وينتج عن تلوث الهواء وحده، داخل المباني وخارجها، 400000 حالة وفاة في الإقليم كل عام (أو حالة وفاة واحدة من بين كل 8 وفيات)، ويتعرض 98% تقريباً من سكان الحضر في مدن الإقليم إلى ملوثات الهواء بمستويات تتجاوز المستويات الآمنة التي حددتها المنظمة. ويُصاب بالأمراض المنقولة بالأغذية في الإقليم كل عام أكثر من 100 مليون شخص من بينهم 32 مليون طفل، ويتوفى منهم 37000 طفل حسب التقديرات.
وفي 2017، أقرَّت الدورة الرابعة والستون للجنة الإقليمية لشرق المتوسط، في قرارها ش م/ل إ 64/ق-3، إطار العمل بشأن تغيُّر المناخ والصحة في إقليم شرق المتوسط (2021-2017)، بما يتماشى مع الاستراتيجية التي تقودها المنظمة بشأن الصحة والبيئة في المنطقة العربية (2030 – 2017). ووضعت البلدان خطط عمل وطنية لتنفيذ الاستراتيجية الإقليمية للصحة والبيئة وإطار العمل الخاص بها (2019-2014)، وتُنفِّذ ثمانية بلدان خطط العمل هذه في الوقت الحالي. وعلاوة على ذلك، بدأت ثماني دول أعضاء في تحديث مرتسماتها الوطنية بشأن الصحة والمناخ، في حين أبلغت 82 مدينة في 16 بلداً في الإقليم عن بياناتها الخاصة بنوعية الهواء من خلال قاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية المعنية بعبء الأمراض. وبدأ أيضاً إعداد تقارير عن حالة المياه والإصحاح تتضمن الرصد المتعمق لغايات أهداف التنمية المستدامة في خمس دول من الدول الأعضاء.
وأجرت المنظمة خلال هذا العام دورة تدريبية إقليمية بشأن الإصحاح وتخطيط مأمونية مياه الصرف الصحي. وعملت منظمة الصحة العالمية أيضاً مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) لوضع تقرير وإعداد مجموعة أدوات تدريبية بشأن التكيُّف مع تغير المناخ في قطاع الصحة باستخدام أدوات الإدارة المتكاملة لموارد المياه. فضلاً عن ذلك، قُدِّم الدعم إلى المعهد العربي للصحة والسلامة المهنية لاستكمال المبادئ التوجيهية العربية بشأن التعرض المهني ولترجمة مطبوعة المنظمة المعنونة «Safe management of wastes from health-care activities» إلى اللغة العربية. كما عُقدت دورة تدريبية إقليمية بشأن وضع خطط عمل وطنية لسلامة الغذاء، وقدمت المنظمة الدعم التقني إلى عدة بلدان للحدّ من عبء الأمراض المنقولة بالأغذية والأمراض حيوانية المصدر. وفيما يخص السلامة الكيميائية، قُدم الدعم للتعامل مع النواحي الصحية في إطار النهج الاستراتيجي للإدارة الدولية للمواد الكيميائية، واتفاقية ميناماتا بشأن الزئبق، والتخلص التدريجي من الرصاص في الدهانات والزئبق في قطاع الصحة. وفي الختام، بدأت عملية لتقييم خطة العمل العالمية لمنظمة الصحة العالمية المعنية بصحة العمال (2017-2008)، بما يعكس احتياجات الإقليم وأولوياته في الخطة الجديدة.