24 شباط/فبراير 2022 - قبل جائحة كوفيد-19، كانت وحدات الرعاية المركزة أو القدرة على رعاية الحالات الحرجة قليلةً أو معدومةً في معظم البلدان الهشة والمستضعفة والتي تعاني من النزاعات في إقليم شرق المتوسط، على الرغم من حاجتها الماسة إلى معالجة المرضى الذين يموتون بسبب إصابات نارية، والافتقار إلى رعاية الإصابات الشديدة، والأمراض المعدية، إلى جانب عوامل أخرى.
ومع ظهور كوفيد-19، أصبح سكان تلك البلدان هم الأشد تعرضًا للخطر. وبالإضافة إلى ضآلة فرص حصول الحالات الحرجة على الرعاية، أصبحت المرافق الموجودة مُثقلةً بموجات كوفيد-19، فجرى على الفور تحويل كثير من العاملين في الرعاية الصحية تجاه رعاية مرضى حالات كوفيد-19 الحرجة في وحدات الرعاية المركزة.
ومن خلال استجابة مكتب المنظمة الإقليمي لشرق المتوسط لكوفيد-19 في الأيام الأولى للجائحة، بدأت بلدان الإقليم في تلقي أجهزة التنفس الطبية وغيرها من المعدات الطبية البيولوجية اللازمة لعلاج حالات كوفيد-19. ومع ذلك، استمر وقوع وفيات كان بالإمكان تجنبها، ولوحظ ارتفاع معدل إماتة الحالات في البلدان الهشة والمستضعفة والتي تعاني من النزاعات، حيث اقتربت نسبة الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 للحالات التي تعالج في المستشفيات من 100% في بعض الأحيان.
استجابة متعددة الجوانب
تقول الدكتورة شيوري كوداما، المسؤولة الطبية في مكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي لشرق المتوسط، ورئيسة فريق دعم إدارة الأحداث والتدبير العلاجي السريري لكوفيد-19: «عندما بدأت جائحة كوفيد-19، كان لدى البلدان ذات الموارد المحدودة والبلدان الهشة والمستضعفة والتي تعاني من النزاعات عددٌ قليل جدًّا من طواقم وحدات الرعاية المركزة من الأطباء والممرضين. ومن ثم، استُعين بكثير من العاملين في الرعاية الصحية من مجالات مختلفة، لذلك لم يكونوا يعرفون كيفية التعامل مع مرضى الحالات الحرجة بوحدات الرعاية المركزة، على الرغم من جهودهم الدؤوبة في إنقاذ الأرواح. فكان علينا أن نبدأ من الصفر».
ولذلك أعدَّ فريق التدبير العلاجي السريري لكوفيد-19 التابع لمكتب المنظمة الإقليمي لشرق المتوسط تدريبات قائمة على الطلب، وبدأ تقديم تلك التدريبات من خلال البعثات الميدانية وعبر الإنترنت إلى العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية في البلدان التي تشهد حالات طوارئ معقدة، والبلدان المحدودة الموارد والبلدان المتوسطة الدخل في الإقليم.
على أرض الواقع
في أفغانستان، استفاد 7834 من العاملين في مجال الرعاية الصحية من تدريب عملي على تقديم الرعاية للحالات الحرجة، أو في وحدات الرعاية المركزة قدمته البعثات الميدانية ومستشارو المنظمة. تقول راضية غفاري: «أنا المرأة الوحيدة بين أطباء المستشفى الأفغاني الياباني في كابول الذين يعتنون بمرضى كوفيد-19. والدعم الذي قدمته منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأوروبي إلى مستشفانا مكَّننا من رعاية مرضانا القادمين من مقاطعات عديدة في أفغانستان، ولا سيما في وحدة الرعاية المركزة».
وقد تلقت أعدادٌ غفيرة من العاملين في الرعاية الصحية التدريبَ في باكستان، كما أُجرِيَت ثمانية تدريبات للمدربين خلال البعثة الميدانية إلى الصومال.
وأما في العراق، فقد أدت برامج تدريب المدربين على رعاية الحالات الحرجة/ وحدات الرعاية المركزة وتقييم وحدات الرعاية المركزة إلى تعزيز مهارات 87 من كبار الأطباء والممرضين العاملين في وحدة الرعاية المركزة لحالات كوفيد-19، في حين أدى استخدام المعدات الطبية البيولوجية وتدريبات السلامة من الحرائق إلى تعزيز قدرات كثير من العاملين في الرعاية الصحية في جميع أنحاء البلد. ومن المقرر إجراء تدريب متسلسل على رعاية الحالات الحرجة/ وحدات الرعاية المركزة على الصعيد الوطني في الوقت المناسب.
في قطاع غزة في الأرض الفلسطينية المحتلة، دعمت بعثتان ميدانيتان تقييم الاحتياجات وتدريب المدربين على العناية المركزة/والرعاية الحرجة. ومنذ ذلك الحين تعاقبت هذه الدورات التدريبية لتعزيز قدرة حوالي 1000 من الأطباء والممرضين.
وخاض زهريا ساق الله، وكيل خدمة العملاء، معركةً شاقةً مع كوفيد-19 مدتها 58 يومًا في مستشفى في غزة. وتلقى العاملون في الرعاية الصحية في المستشفيات، الذين لم يكن قد سبق لهم التدرب على رعاية الحالات الحرجة/ وحدة الرعاية المركزة، تدريبًا من منظمة الصحة العالمية يُركِّز على المهارات المنقذة للأرواح. وقال زهريا: «إنني أستعيد صحتي الكاملة ببطء، ولكن بثبات. والدعم الذي تلقيته من الفرق الطبية [...] لا يُقدر بثمن، وأعتقد أنه السبب الرئيسي وراء التعافي».
وعلى وجه الخصوص، استفاد اليمن -الذي لم تكن لديه وحدات رعاية مركزة، أو القدرة على رعاية الحالات الحرجة في المستشفيات العامة قبل جائحة كوفيد-19- استفادةً كبيرةً من الجهود المشتركة مع المكتب القُطري لمنظمة الصحة العالمية، وثلاث بعثات ميدانية أوفدها مكتب المنظمة الإقليمي لشرق المتوسط، فجرى تدريب 1259 من العاملين في الرعاية الصحية على رعاية الحالات الحرجة/ وحدات الرعاية المركزة، والتوسع في استخدام الأكسجين الطبي، وإجراء تقييمات لوحدات الرعاية المركزة للوقوف على الاحتياجات الفورية في الإمدادات المنقذة للأرواح وسد الفجوة الموجودة. وتعبيرًا عمليًّا عن التضامن الإقليمي، تعتزم عُمان تقديم الدعم التقني في مجال وحدة الرعاية المركزة/ رعاية الحالات الحرجة لتعزيز قدرات العاملين في الرعاية الصحية في اليمن، وهو ما يشكل «مشروع توءمة» بين البلدين.
وعلى الإنترنت
إضافةً إلى ذلك، قُدِّمت تدريبات عبر الإنترنت في جميع البلدان المذكورة أعلاه، وكذلك في خمسة بلدان أخرى من البلدان الهشة والمستضعفة والتي تعاني من النزاعات، والبلدان المتوسطة الدخل في إقليم شرق المتوسط، وقد استفاد من هذه التدريبات أكثر من 10 000 من العاملين في الرعاية الصحية. وعلاوة على ذلك، أُطلِقَت سلسلة من الحلقات الدراسية الإلكترونية في جميع بلدان إقليم شرق المتوسط البالغ عددها 22 بلدًا، لتعزز مهارات أكثر من 20 000 مهني في الرعاية الصحية.
ما بعد كوفيد-19
أكَّدت الدكتورة كوداما أنه «بخلاف الحزمة التمهيدية الإقليمية لتدريب الأطباء والممرضين على رعاية الحالات الحرجة والرعاية في وحدات الرعاية المركزة، كان علينا أيضًا تطوير أداة لتقييم وحدات الرعاية المركزة من أجل الأماكن المحدودة الموارد، لأنه عندما بدأت جائحة كوفيد-19، لم تكن لدينا أداة من هذا القبيل لتقييم القدرة الحالية لوحدات الرعاية المركزة، وقد كان ذلك ضروريًّا لنتمكن من تقديم المواد المنقِذة للأرواح إلى وحدات الرعاية المركزة في الوقت المناسب».
وتبذل المنظمة في الوقت الحالي جهودًا للانتقال من الاستجابة الأولية لتلبية الاحتياجات المفاجئة في هذا المجال إلى بناء القدرات المستدامة، وهو ما يسمح بتوفير رعاية كافية لمرضى الحالات الحرجة بعد كوفيد-19، بغيةَ تمكين العاملين في الرعاية الصحية من الاستجابة للحالات الحرجة الأكثر تنوعًا. ويُجَرَّب المشروع في اليمن حاليًّا، مع التخطيط لطرحه في مزيد من بلدان الإقليم الهشة والمستضعفة والتي تعاني من النزاعات. ولهذا الغرض، أوفد مكتب المنظمة الإقليمي لشرق المتوسط مستشاره لشؤون الطوارئ، الدكتور غاري غريغ كونيوشي، في 1 شباط/ فبراير 2022 إلى اليمن ثلاثة أشهر، لتقديم الدعم التقني والتدريب السريري المباشر بهدف تعزيز ممارسات رعاية الحالات الحرجة بفعالية أكبر بين العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية.
التأثير المتعاظم
كان أيضًا عددٌ من وزارات الصحة، بالإضافة إلى مجموعة من المستشفيات في البلدان الهشة والمستضعفة والتي تعاني من النزاعات، قد طلبوا هذا الدعمَ التقني من مكتب المنظمة الإقليمي لشرق المتوسط لتعزيز المهارات المنقِذة للأرواح لدى العاملين في الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية، داعين إلى برامج تدريبية وطنية طويلة الأمد ومستدامة بشأن رعاية الحالات الحرجة/ وحدات الرعاية المركزة.
وبفضل التدريبات المتتالية التي قادتها المكاتب القُطرية للمنظمة والجهود الدؤوبة التي بذلها فريق التدبير العلاجي السريري لمرضى كوفيد-19التابع لمكتب المنظمة الإقليمي لشرق المتوسط، وصل العدد التراكمي للمهنيين بالإقليم، الذين أصبحوا الآن أفضل استعدادًا لتلبية احتياجات مرضى الرعاية الحرجة/ مرضى وحدات الرعاية المركزة، وربما لإنقاذ أرواح هؤلاء المرضى، إلى أكثر من 40000 من العاملين في الرعاية الصحية.