21 نيسان/ أبريل 2024 - يُعرَفُ السودان بنسيجه الاجتماعي الفريد وبتعقيد مشهد الملاريا. وعلى الرغم من الصراع المحتدم منذ أكثر من عام، فضلًا عن العديد من التحديات السياسية والاقتصادية، لا يزال السودان يحاول التصدي للملاريا. وقد أثبتت مبادرات المشاركة المجتمعية أهميتها البالغة لهذا الجهد.
وتستضيف ولاية القضارف ما يقرب من 500000 نازح داخلي، كما أنها تَعجّ بالمتطوعين ومنظمات المجتمع المدني. وفي هذا الصدد، كانت الجهود التي بذلها أفراد المجتمع المحلي شديدة الأهمية في اجتياز عبء الملاريا المزمن والحد من الأوبئة الأخرى التي تلت ذلك منذ اندلاع الصراع في نيسان/ أبريل 2023.
وعلى مدى ما يقرب من عقدين من الزمن، كان عبد الله آدم، وهو مدرس ومزارع من قرية أم بليل، وهي قرية موبوءة بالملاريا في ولاية القضارف، في طليعة الجهود المجتمعية الرامية إلى التخفيف من حدة الملاريا. يقول عبد الله: "إن ولاية القضارف مرادفة للملاريا. وهناك أمراضٌ أخرى أيضًا، وهي كالازار، وشلل الأطفال، والكوليرا، ومؤخرًا حمى الضنك والشيكونغونيا. ولكن هذه الأمراض تأتي وتذهب، في حين أن الملاريا موجودةٌ هنا منذ فترة طويلة حسبما أتذكر".
وأوضح أن خدمة المجتمع جزءٌ قويٌّ من نشأته وثقافته وهويته السودانية، فقال: "كانت أيامي الأولى مع الخدمة المجتمعية امتدادًا تلقائيًا لنشأتي إلى حد كبير. فقد نشأتُ في قريةٍ صغيرة، والنفير أمرٌ مألوفٌ بالنسبة لنا. وكنا نجتمع لتنظيف الحي ورش البرك بالمبيدات الحشرية".
وحكى عبد الله عن كيفية نمو نطاق الجهود المبذولة في قرية أم بليل بشكل كبير من خلال زيادة التوعية المجتمعية. وقد عملت السيدة وجدان عبد الباقي، مديرة برنامج مكافحة الملاريا في ولاية القضارف، على تثقيف المجتمع بشأن مكافحة النواقل والخدمات المجانية لمكافحة الملاريا في مراكز الرعاية الصحية الأولية. وكان الناس ينظرون في السابق إلى التكلفة على أنها عائقٌ رئيسي أمام التماس الرعاية الصحية بخصوص الملاريا.
وخلال حملات مكافحة النواقل، يكون كل فرد من أفراد الحي الذي يقيم فيه عبد الله مسؤولًا عن رش منازل أسرته الممتدة. وتقول السيدة وجدان عبد الباقي: "ننفذ أيضًا حملات منتظمة لتعزيز الصحة من أجل نشر رسائل منقذة للحياة، مثل "إذا كنتَ تعاني من الحمى، فلا تهمل الأمر. اذهب إلى الطبيب، والفحص مجاني! أعتقد أن أداءنا جيد، لكن يمكن تحقيق مزيد من الإنجازات من خلال التدريب الكافي".
وذَكَرَت السيدة وجدان أن مؤشرات الملاريا قد تحسَّنت من خلال مبادرات المشاركة المجتمعية، وقالت: "لقد أصبح إشراك المجتمع المحلي من الممارسات المعتادة بالنسبة لنا نظرًا للعبء الكبير للملاريا والموارد المحدودة لمكافحتها.
وفي العام الماضي، أجرت الوزارة دراسة الفعالية العلاجية، ووقع الاختيار على مستشفى السلام بولاية القضارف ليكون موقعًا خافرًا. وقد شهدنا بالفعل تحسنًا كبيرًا في سلوك التماس الرعاية بفضل جهود [المتطوعين]، ولكن أردت أن أضمن الانتهاء من ذلك في غضون الإطار الزمني المحدد، لذلك تواصلت مع عبد الله. وقد بَدَأَت حملة لتعزيز الصحة على وجه السرعة، واختُتِمَت عملية جمع البيانات في الوقت المناسب".
ويعكس مثال ولاية القضارف تحولًا أوسع نطاقًا يحدث في أنحاء السودان، حيث يتزايد النظر إلى المجتمعات المحلية على أنها جهات محورية في تحسين عافيتها. وتتحرك وزارة الصحة الاتحادية لإضفاء الطابع المؤسسي على المبادرات الصحية الشعبية من خلال اعتماد استراتيجية صحية مجتمعية. ومن ثم، من المقرر أن يؤدي أفراد المجتمع المحلي دورًا أساسيًا في كل من جوانب الوقاية والتدبير العلاجي للحالات في مكافحة الملاريا في السودان.