مكافحة الملاريا بلا توقف في جمهورية إيران الإسلامية

18 نيسان/ أبريل 2024 - في مدينة كوناراك الساحلية الإيرانية، على الشواطئ الجنوبية للبلاد، اتخذت رحلة بحار شاب منعطفًا غير متوقع. فقد وجد إسماعيل، البالغ من العمر 19 عامًا، نفسه يعاني من حمى شديدة وآلام جسدية تشل حركته عندما كان على متن سفينة صيد.

ومع تدهور حالته بسرعة، توقف القارب بشكل غير مخطط له بالقرب من باندزارك، في مقاطعة ميناب، هرموزغان. وإدراكًا من مالك القارب لخطورة الوضع، فقد تَوَجَّه مع إسماعيل إلى أقرب مركز صحي للمنطقة في ميناب. وهذا المرفق مفتوح للحالات الطارئة حتى في العطلات، وهي حقيقة معروفة بين أفراد المجتمع المحلي بفضل التوعية التي نشرها العاملون في مجال صحة المجتمع قبل ذلك.

وأخذ مالك القارب بسرعة البَحَّار المريض لإجراء فحص مجهري للملاريا التماسًا للتشخيص والعلاج، وكان عليه أن ينتظر ساعة للحصول على النتائج. غير أن المريض اختار العودة إلى مسكنه المؤقت في باندزارك قبل استلام نتائج الفحص أو أي تدخل طبي.

واكتسحت حالة الطوارئ المجتمع المحلي عندما أكد الاختبار الإصابة بالملاريا المُتصوِّرة المِنْجَلِيَّة، وهو مرض قد يسبب الوفاة. وسرعان ما سافر خبراء الملاريا إلى مسكن إسماعيل مباشرةً لبدء العلاج المنقذ للحياة. لكن البحّار كان قد ذهب بالفعل إلى القارب بعد أن شَعَرَ بالتحسن.

وأعقب ذلك سباق مع الزمن لتعقب إسماعيل وضمان بدء علاجه ورعايته المستمرة. وانطلق فريق من العاملين الصحيين المحليين، ومنهم مُجتَبَى روكنوديني، خبير الملاريا في المنطقة، وجعفر حاتمي، خبير مكافحة الأمراض في المحافظة، وحسين زكري، أحد العاملين في مجال صحة المجتمع، بحثًا عن القارب للوصول إلى البحار.

وبعد تحديد موقع إسماعيل على متن سفينة الصيد، أجرى العاملون الصحيون اختبارات على مخالطيه، وعلى وجه الخصوص الأشخاص الآخرين على متن القارب. كما راقبوا حالة المريض عن كَثَب، وقَدَّموا له بعض النصائح الصحية، بالإضافة إلى العلاج الخاضع للملاحظة المباشرة. وينطوي ذلك على وجود عامل صحي يراقب المريض وهو يتناول الدواء الموصوف لضمان الالتزام بالعلاج.

وعندما أبحر القارب مرةً أخرى، كان البحّار يتمتع بصحةٍ جيّدةٍ ويشعر بالنشاط والحيوية. وتُسلِّط قصة إسماعيل الضوءَ ليس فقط على قدرة الأفراد على الصمود، بل أيضًا على ضرورة بذل جهود مشتركة لمكافحة عودة ظهور الملاريا في المجتمعات المحلية الإيرانية المُعرَّضة للخطر.

إجراءات استباقية وفورية لمكافحة الملاريا

تمثل الملاريا تهديدًا صامتًا لاح في الأفق مرةً أخرى على المشهد الإيراني والمجتمعات المحلية في البلد منذ عام 2022. وبسبب التفاعل المعقد لتغير المناخ وهجرة البعوض والتنقل البشري، ألقت عودة سريان الملاريا المحلية بظلالها على المناطق المتضررة.

واستجابةً لذلك، ظهرت استراتيجية للكشف النشط عن الحالات ومتابعة العلاج في المدن والقرى في جميع أنحاء البلد، لمكافحة هذا المرض الفتاك. ويهدف هذا النهج الاستباقي إلى التعرّف على حالات الملاريا وعلاجها على الفور ووقف انتشار المرض قبل أن يستفحل.

وقاد هذا الجهد عاملون صحيون في إطار البرنامج الإيراني لمكافحة الملاريا، ومسحوا المجتمعات المحلية بلا كلل لاكتشاف الحالات والاستجابة لها بسرعة. وقد عزّز هذا العمل الدعم المقدم من الشركاء الدوليين، ولا سيّما منظمة الصحة العالمية، وغيرها من وكالات الأمم المتحدة.

فقد قدمت المنظمة المساعدة التقنية لتعزيز ترصُّد الملاريا والأمراض المنقولة بالنواقل، فضلًا عن اختبارات التشخيص السريع للكشف عن الحالات، والأدوية اللازمة للعلاج، والمبيدات الحشرية، والناموسيات المعالَجة بمبيدات حشرية طويلة الأمد من أجل الوقاية. وكان لهذا الدعم الذي قدَّمته المنظمة أهمية جوهرية في تعزيز البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا.

وقد عمل العاملون الصحيون، وهم مُجهَّزون بالأدوات والخبرات التي توفرها منظمة الصحة العالمية، على حماية المجتمعات المحلية بدأبٍ، من القرى النائية إلى المراكز الحضرية المزدحمة، من خطر الملاريا.

ومع ذلك، فإن الملاريا لا تعرف حدودا، ولذلك فإن مكافحة هذا المرض تتطلب جهودًا دولية. وفي باكستان المجاورة، اندلعت معركة مماثلة، حيث ارتفعت حالات الملاريا ارتفاعًا كبيرًا منذ عام 2022 بسبب الفيضانات الهائلة وحالات الطوارئ الممتدة، والتباين المناخي الشديد، وسوء الظروف المعيشية.

ومن ثمَّ، امتد الدعم الذي تقدمه المنظمة إلى جمهورية إيران الإسلامية عبر الحدود، لتعزيز التعاون والتنسيق لمعالجة الملاريا بوصفها أحد الشواغل الإقليمية. وفي إطار ذلك، دعمت المنظمة 17 خبيرًا صحيًا من 4 بلدان في إقليم شرق المتوسط في عام 2023 للمشاركة في دورة دراسية للحصول على دبلوم في بيولوجيا النواقل ومكافحتها بجامعة طهران للعلوم الطبية.

وقد اتحدت المجتمعات المحلية والعاملون الصحيون والشركاء الدوليون للالتزام بمكافحة الملاريا بفعالية، والوقاية من انتقال العدوى محليًا، والحفاظ على عدم حدوث وفيات، والحفاظ على صحة الأجيال الحالية والمقبلة ورفاهها.