"إما أن نرحل لأجل فرصة للعيش أو نموت"، كلمات مهاجر سوداني إلى منظمة الصحة العالمية بعد أن وصل مؤخرًا إلى مصر

refugee-busesبحسب السلطات المصرية، حتى 19 أيار/مايو 2023، عَبَرَ الحدود ما يقرب من 132000 شخص من السودان إلى مصر، ويمثل المهاجرون السودانيون 91% منهم. مصدر الصورة: ‏منظمة الصحة العالمية، مصر

القاهرة، 24 أيار/ مايو 2023 - عبر أكثر من 248000 شخص الحدودَ خروجًا من السودان إلى الدول المجاورة، وهي تشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان، هربًا من انعدام الأمن الناجم عن القتال الدائر في البلدِ وتعذر الحصول على الخدمات الصحية بسبب الهجمات المسلحة المتكررة على المرافق الصحية. وفيما يلي محادثة موجزة أجرتها منظمة الصحة العالمية مع رجل سوداني أمضى 17 يومًا في الرحلة من الخرطوم إلى القاهرة، ومعه والديه وأشقائه.

بكلمة واحدة، كيف تصف الوضع في الخرطوم؟

كابوس.

هل جميع من تعرفهم سالمون لم يتعرضوا لأذى؟

للأسف، لا. فأفراد من عائلتي الكبيرة لا يزالون موجودين هناك، ونُهبت بيوت بعضهم.

ما أصعب وقت مر عليك؟

مغادرة منزلنا وذكرياتنا فيه دون معرفة ما إذا كنا سنعود إليه مرة أخرى أم لا. فهذا قرار صعب خاصة عندما تدرك أنك ستترك وراءك كل ما عمل والداك لأجل تحقيقه.

غالبًا ما تنتابنا مشاعر مختلطة في أثناء الأزمات. فماذا كانت مشاعرك؟

لم يراودني أمل، بل تملَّكني الغضب والخوف؛ الخوف من فقدان أحد أفراد عائلتي أو أصدقائي، والخوف من التعرض للسرقة - وهذا ما حدث لي في نهاية المطاف.

هل أثرت الهجمات على المرافق الصحية عليك أو على شخص آخر تعرفه؟

لقد أثر الهجوم على المركز الطبي الوطني على جميع الصيدليات، ولم يعد بإمكاني الحصول على الأدوية اللازمة الموصوفة لوالديَّ. ولقد قطعنا هذه الرحلة الطويلة تحديدًا بسبب حالتهم الصحية لأنهم ما كانوا لينجوا لو ظلوا هناك في بلدنا.

هل احتاج شخص تعرفه لزيارة طبيب عام لكنه لم يستطع؟

والدي مصاب بداء السكري. ولم يكن بإمكاننا سوى استشارة الطبيب عبر الهاتف، لأن الوصول إليه كان مستحيلاً.

هل تعرف شخصًا يعاني حالة مزمنة تتطلب علاجًا منتظمًا ولم يكن العلاج متوفرًا له؟

نعم، حدث ذلك مرات كثيرة! فمثلاً، يعاني ابن عمي فشلاً كلويًا ولم يستطع الوصول إلى المستشفى.

ما الذي جعلك تقرر أنه حان وقت الرحيل؟

كان الرحيل الخيار الوحيد المتبقي. فإما أن نرحل أو نموت.

بِمَ مررت في أثناء الرحلة من الخرطوم إلى القاهرة؟

لقد استوقفني رجل مسلح وفتشني، موجهًا بندقيته الأوتوماتيكية نحوي. وأخذ مالي كله، وقال: "إذا لم يكن الأمر يعجبك، يمكننا أن نفتشك أكثر ونرى ماذا تخفي". فأجبته قائلاً: "لا، لا بأس".

بِمَ تشعر؟

لكي أكون صادقًا سأجيب "لا أعرف". تنتابني مشاعر مختلطة. أحب مصر كثيرًا لدرجة أنني كنت آتي إليها سنويًا، ولكن هذه المرة الأمر مختلف، ولا أعرف لماذا.