القاهرة، 1 كانون الأول/ديسمبر 2021- لا يزال مرض كوفيد-19 يؤثر سلبًا على حياة الناس وصحتهم في جميع أنحاء إقليم شرق المتوسط وخارجه، مما ينشر الشعور بالخوف والإحباط. وقد أدى وصول التحور الجديد المثير للقلق "أوميكرون" إلى تفاقم الوضع، كما أنه يُشكل تهديدات محتملة للمكاسب التي تحققت بصعوبة خلال العامين الماضيين.
وهناك تباين في الاتجاهات الحديثة لانتشار كوفيد-19 في الإقليم. ففي حين سجَّلت بعض البلدان انخفاضات في حالات الإصابة والوفيات في الفترة الأخيرة، سجلت تسعة بلدان زيادة في حالات الإصابة، وسجلت ثلاث بلدان زيادة في الوفيات، على مدار الأسبوع الماضي. وحتى 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أُبلغ عن أكثر من 16.7 مليون حالة إصابة مؤكدة بمرض كوفيد-19 وأكثر من 309,500 وفاة على مستوى الإقليم.
وبعد مرور عامين على بداية الجائحة، أصبح الفتور والسأم من كوفيد-19 واضحًا. فما من أحد منا إلا وقد لحقت به آثار هذه الجائحة التي غيَّرت جميع جوانب حياتنا. ونحن ندرك أن الحكومات والمجتمعات تواجه ضغوطًا هائلةً لتحقيق التوازن بين الحفاظ على النشاط الاقتصادي والتخفيف في الوقت نفسه من خطر كوفيد-19. إلا أن ظهور التحور الجديد المثير للقلق «أوميكرون» المكتشف حديثًا يوضح لنا مدى اليقظة والمشاركة التي يجب علينا جميعا أن نحافظ عليهما.
ولا تزال توجد أمور كثيرة لا نعرفها عن هذا التحور الجديد. وتعمل منظمة الصحة العالمية مع شبكات خبرائنا في جميع أنحاء العالم لتحديد تأثيره على انتقال المرض، وشدته، وما إذا كان قد يفلت من المناعة التي اكتسبناها سواء من خلال عدوى سابقة أو من خلال اللقاحات. والإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها ستستغرق أيامًا أو أسابيع حتى نتوصل إليها. وسوف تواصل المنظمة إطلاع المجتمع العالمي بالمستجدات كلما علمنا المزيد.
كيف ينبغي أن نستجيب لظهور هذا التحور الجديد ونخفف من آثاره المحتملة؟ الإجابة واضحة تمامًا: نحتاج إلى الحفاظ على جميع التدابير التي نعلم أنها فعالة ضد فيروس كوفيد-19، مع توسيع نطاق تطبيقها، ومنها تلقي اللقاحات، وارتداء الكمامات، والحفاظ على التباعد البدني، وتنظيف الأيدي، وضمان التهوية الجيدة للأماكن المغلقة. ويجب أن نعمل وفقًا لمبادئ الشفافية، والتضامن، والإنصاف.
ونطلب، على وجه التحديد، من جميع الدول الأعضاء تعزيز ترصُّد المرض حتى تتمكن من الاكتشاف المبكر لحالات كوفيد-19 المحتملة الناجمة عن التحور أوميكرون، والاستجابة السريعة لها. فينبغي أن يتنبهوا إلى حالات الإصابة الجماعية الجديدة بكوفيد-19، وأن يتقصوا عنها سريعًا. ومن المهم أيضًا توسيع نطاق الاختبارات، بما في ذلك إجراء تسلسل الجينوم الضروري لاكتشاف التحورات الجديدة. كما أن تبادل المعلومات حول التحور مع منظمة الصحة العالمية أمر حيوي حتى نتمكن جميعًا من تتبع تطور انتشاره في البلدان، والأقاليم، والعالم.
وينبغي أن نتفكر أيضًا في الأسباب المحتملة لظهور تحورات جديدة. فمن هذه الأسباب انخفاض التغطية بالتطعيم مما يسمح للفيروس بالاستمرار في الانتشار والتحور. ومما يدعو للأسف أن استمرار عدم الإنصاف في توزيع اللقاحات لا يزال من السمات الأبرز والأكثر إثارة للقلق في الاستجابة الدولية لهذه الجائحة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تفاوتات هائلة في التغطية بالتطعيم في جميع أنحاء العالم. ومما لا شك فيه أن البلدان المنخفضة الدخل وبلدان الشريحة الدنيا من الدخل المتوسط هي الأقل تغطيةً بالتطعيم. وفي ظل هذه الظروف يكون خطر ظهور التحورات أكبر ما يكون. وفي إقليمنا، لم تصل تغطية التطعيم بعد إلى 10٪ في سبعة بلدان .
وينبغي أن نشعر جميعًا بالقلق إزاء حقيقة أن أكثر من 80% من لقاحات كوفيد-19 في العالم قد ذهبت إلى بلدان مجموعة العشرين، في حين أن البلدان المنخفضة الدخل، ومعظمها في أفريقيا، قد تلقت 0.6% فقط من مجموع اللقاحات. فكلما طال أمد أوجه الإجحاف هذه، زادت فرص ظهور مزيد من التحورات، وطال علينا جميعًا الوقت الذي سنضطر خلاله أن نتحمل هذه الجائحة بعواقبها الجسيمة على الصحة العامة، وعلى الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. حقًا، لن يكون أحد في مأمن من الخطر حتى ينعم الجميع بالأمان.
وفي نصف الكرة الأرضية الشمالي، نحن حاليًا بصدد دخول موسم الشتاء حيث يُحتمل أن تكون مخاطر انتقال المرض أكبر. وتتفاقم هذه المخاطر بسبب التغطية غير المنصفة باللقاحات، مما يزيد من الشعور بالسأم والملل من كوفيد-19، وعدم الالتزام بالتدابير الوقائية الشخصية التي نعلم أنها فعالة. فحتى إذا كنت قد حصلت على اللقاح، من الضروري أن تواصل ارتداء الكمامة، وأن تحافظ على التباعد البدني، وأن تواظب على تنظيف الأيدي. وقد قلنا مرارًا وتكرارًا إن اللقاحات وحدها لن تضع حدًا لهذه الجائحة. ويتعين علينا جميعًا أن نؤدي دورنا كأفراد، ومجتمعات، وقطاع خاص، وحكومة.
واليوم، أدعو جميع شعوب الإقليم –وخاصةً القادة السياسيين وقادة المجتمع– إلى أخذ التحذير الصادر بشأن أوميكرون على محمل الجد. فعلى الرغم مما يقرب من عامين من الكفاح الصعب والمضني ضد كوفيد-19، يجب علينا أن نضاعف جهودنا لإنهاء الجائحة. ولكن الخبر السار هو أنه حتى في مواجهة أي تحور جديد، لدينا الأدوات التي تمكننا من أن نكون أكثر استباقًا وليس مجرد رد فعل.
وقد ألقى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أمس كلمةً أمام دورة استثنائية لجمعية الصحة العالمية حذر فيها من التراخي والسأم والملل من كوفيد-19. وذكَّرنا بأن بعضنا قد يظن أننا انتهينا من كوفيد-19، ولكن الفيروس لم يتركنا بعدُ.
وفي قرار صدر بتوافق الآراء بهدف حماية العالم مما قد يحدث في المستقبل من أزمات ناجمة عن أمراض معدية، مثل كوفيد-19، وافقت جمعية الصحة العالمية اليوم على بدء عملية تفاوض عالمية لصياغة اتفاقية أو اتفاق أو صك دولي آخر بموجب دستور منظمة الصحة العالمية لتعزيز الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها.
وفي إطار رؤيتنا الإقليمية "الصحة للجميع وبالجميع"، آمُلُ أن يلتزم كل واحد منكم بالاضطلاع بدوره في إطار جهودنا الجماعية لإنهاء هذه الجائحة إلى الأبد.