خدمات الرعاية المُلَطّفة في المستشفيات تسد فجوة الرعاية في لبنان

palliative_care_lebanon

المبادرة

ينوء لبنان بعبء ثقيل من السرطان. وفي عام 2018 وحده، شُخِّص 17294 شخصًا بالسرطان، وتوفي 8976 شخصًا بسبب السرطان في البلاد. إن ارتفاع معدل انتشار السرطان، إلى جانب شيخوخة السكان، يؤكد من جديد الحاجة المتزايدة إلى خدمات الرعاية الملطفة في البلد. ويمكن لخدمات الرعاية الملطفة أن تحسّن نوعية حياة المرضى من خلال المساهمة في تحسين السيطرة على الأعراض والألم، والحد من مدة الإدخال للمستشفى، ومنع الرعاية الطارئة غير الضرورية. بَيْدَ أن لبنان قد واجه تحدّيات رئيسية في تقديم خدمات الرعاية الملطِّفة داخل مستشفياته العامة.

ولتعزيز خدمات الرعاية الملطفة في البلد، تعاونت وزارة الصحة العامة في لبنان ومنظمة الصحة العالمية ومستشفى رفيق الحريري الجامعي مع جمعية سَنَد، وهي منظمة غير ربحية تقدم الرعاية المنزلية في مرحلة الاحتضار، لإجراء تدريب على الرعاية الملطفة للعاملين في مجال الرعاية الصحية في عام 2018. وكان الهدف من ذلك دعم تكامل خدمات الرعاية الملطفة التي تركز على المرضى لتحسين تجربة المرضى وتحسين رضا المرضى ومقدمي الرعاية.

‫السياق‬

في عام 2016، كانت الأمراض غير السارية مسؤولة عما يقرب من 91% من مجموع الوفيات، في حين كان السرطان مسؤولًا عن 27.2% من مجموع الوفيات المبكرة المرتبطة بالأمراض غير السارية التي وقعت قبل سن 69 عامًا في لبنان. وعلى الرغم من العبء الثقيل للمرض وما يرتبط به من مراضة، فإن التركيز كان محدودًا على الرعاية الملطفة لتخفيف المعاناة. ولسد هذه الفجوة، دعت منظمة الصحة العالمية إلى إدماج خدمات الرعاية الملطفة في جميع مستويات الرعاية الصحية على النحو المشار إليه في قرار جمعية الصحة العالمية 67-10 الذي يشدد على الحاجة إلى تحسين تكامل الخدمات لتلبية الطلب المتزايد على الرعاية الملطفة.

وقد يسَّرت وزارة الصحة العامة اللبنانية في العقدين الأخيرين إدخال تحسينات على أداء النظام الصحي من خلال تنفيذ الاستقلال الذاتي للمستشفيات، وإدخال الاعتماد، وضمان الحصول على رعاية عالية الجودة. وأتاحت الحوكمة التعاونية إحراز هذا التقدم من خلال الشراكات مع المنظمات غير الحكومية واتباع نهج شامل لتعزيز الصحة والوقاية والرعاية.

المبادرة

في إطار الجهود المبذولة لدعم تطوير خدمات الرعاية الملطفة في المستشفيات العامة، تعاونت وزارة الصحة العامة اللبنانية ومنظمة الصحة العالمية ومستشفى رفيق الحريري الجامعي مع جمعية سَنَد لتقديم الدعم التقني لتطوير خدمة الرعاية الملطفة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي. وأجرت جمعية سند تقييمًا للاحتياجات ومشاورات للاسترشاد بها في تصميم برنامج تدريبي في مجال الرعاية الملطفة، وقد أتاح ذلك أيضًا بناء قدرات فريق الرعاية الملطفة بمستشفى رفيق الحريري الجامعي ومتابعته.

وفي الفترة ما بين نيسان/أبريل وكانون الأول/ديسمبر 2018، أجرت جمعية سند ما مجموعه 89 مشاورة مع فريق الرعاية الملطفة المُدرَّب في مستشفى رفيق الحريري الجامعي. وضم الفريق 36 مهنيًا في مجال الرعاية الصحية، بمن فيهم طبيب ومشرف تمريض وطاقم تمريض وصيادلة وأخصائيون اجتماعيون. ‏وقد قَدَّمت سلسلة الحلقات العملية التدريبية لفريق الرعاية الملطِّفة المعرفة والقدرات اللازمة لتقديم خدمات رعاية ملطِّفة عالية الجودة يسهل الوصول إليها بتكلفة ميسورة في أحد أكبر المستشفيات الحكومية في بيروت‎.

الأثر

كانت الآراء الواردة من القوى العاملة الصحية المتعددة التخصصات بشأن التدريب إيجابية. وقد ساعد نهج الرعاية الملطفة الذي يركز على المرضى على تحسين تجربة المرضى وتمكين القوى العاملة الصحية، مما أدى إلى زيادة رضا المرضى ومقدمي الرعاية. وأبلغ العديد من العاملين الصحيين عن حدوث تغيير إيجابي في تصورهم للرعاية الملطفة.

وبدعم من منظمة الصحة العالمية، امتدت المبادرة إلى مستشفى عين وزين حيث تلقى فريق الرعاية الملطفة التدريب وأصبح الآن يقدم خدمات الرعاية الملطفة للمرضى. وقد مكّن التدريب المقدم من جمعية سَنَد فريقَ الرعاية الملطفة في هذا المستشفى من تقديم خدمات الرعاية الملطفة المجتمعية.

الدروس المستفادة

يُعدُّ الالتزام المستمر من جانب وزارات الصحة بالتصدِّي للفجوة الصحية أمرًا ضروريًا لنجاح الخطة الوطنية للرعاية الملطفة. وتعمل وزارة الصحة العامة اللبنانية على نحو استباقي لإيجاد طرائق لتحسين أداء نظامها الصحي من خلال تنفيذ الاستقلال الذاتي للمستشفيات، وإدخال الاعتماد، وضمان الحصول على رعاية عالية الجودة. وقد قاد ذلك الوزارةَ إلى استكشاف طرائق مبتكرة لتلبية احتياجات الرعاية الملطفة في البلد وإشراك الأطراف المعنية الرئيسية في تحسين الخدمات.

ويمكن أن يساعد التعاون بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية ومجموعة متنوعة من الأطراف المعنية على توسيع نطاق التقدم المُحرَز في المبادرة. ولعبت مساهمة مختلف الأطراف المعنية من القطاع غير الحكومي دورًا حاسمًا في نجاح البرنامج لأنهم شاركوا معارف وخبرات ومهارات محددة مع مقدمي الخدمات في القطاع العام. ويمكن للتعاون المفتوح بين الخبراء من قطاعات وتخصصات متعددة أن يتيح وجهات نظر جديدة حول كيفية تحسين خدمات الرعاية الملطفة في البلد.

وساعد تحليل الوضع الراهن وتقييم الاحتياجات على تحديد احتياجات المجتمع المحلي بصورة أفضل في ضوء السياق الصحيح. ولضمان تحقيق النجاح، فمن الأهمية بمكان اختيار موقع للمشروع تتوافر فيه الموارد والقدرات الكافية لدعم عدد أكبر من الناس في المجتمع المحلي.

ويوضح نجاح مشروع جمعية سند في مستشفى رفيق الحريري الجامعي جدوى تنفيذ خدمات الرعاية الملطفة في المستشفيات العامة الكبيرة في لبنان. ويُظهر هذا المشروع ونطاقه وخدمات الرعاية الملطفة المجتمعية التي المقرر تقديمها لمستشفى عين وزين أنه يمكن دمج الرعاية الملطفة المقدمة في المستشفيات بطرائق مختلفة: من خلال العيادات الخارجية، أو الخدمات الاستشارية للمرضى الداخليين في المستشفيات، أو خدمات الرعاية النهارية، أو وحدات الرعاية الملطفة للمرضى الداخليين، أو خدمات الرعاية الملطفة الإيصالية.

ومن المهم تقديم الدعم الكافي لإدارة المستشفيات والعاملين في مجال الرعاية الصحية لتسجيل نجاح مُرضٍ أثناء المساعدة في تطوير خدمات الرعاية الملطفة. وكان تقديم حوافز مثل الدعم المالي، والدعم المناسب للبنية التحتية، وتخصيص وقت معقول، مع تقديم مبادرة جديدة، من المتطلبات الرئيسية للميسرين لبدء خدمات الرعاية الملطفة والحفاظ عليها في مستشفى رفيق الحريري الجامعي.

الروابط ذات الصلة

إصدار خاص من المجلة الصحية لشرق المتوسط عن الرعاية الملطفة

المرتسم القُطري للبنان بشأن السرطان لعام 2020

الرعاية الملطِّفة

Story originated in 2021.