الفحص الدقيق لنظام ترصُّد شلل الأطفال في السودان

الكشف عن الثغرات

WHO surveillance officers visit a village in a high-risk area to carry out an AFP case investigation. Photo: WHO Sudanزار الموظفون المعنيون بالترصُّد في منظمة الصحة العالمية إحدى القرى في منطقة شديدة الخطورة لاستقصاء حالة من حالات الشلل الرخو الحاد. صورة: مقدَّمة من منظمة الصحة العالمية في السودان

8 شباط / فبراير 2018 - مع اقتراب العالم من بلوغ مستقبل خال من شلل الأطفال، تعظم أهمية اكتشاف الثغرات المتبقية ومعالجتها لتعزيز قدرات النظام الصحي الوطني على اقتفاء آثار الفيروس. ولا تزال هناك ثلاثة بلدان فقط في القائمة العالمية للبلدان المتوطن فيه المرض وهي - أفغانستان وباكستان ونيجيريا - ولكن مازال خطر عودة ظهور فيروس شلل الأطفال يمثل تهديدًا حقيقيًا، ولا سيّما في البلدان التي شهدت سابقًا وفادة فيروس شلل الأطفال من المناطق المتوطن فيها المرض.

ومن أجل ضمان أن تكون نُظُم الترصُّد في البلدان "المعرَّضة للخطر" عند المستوى الجيد المتوقع وأن تكون حساسة بما فيه الكفاية للكشف عن حالات الشلل الرخو الحاد والإبلاغ عنها بدرجة كافية - وهو مؤشر رئيسي لشلل الأطفال - فإن منظمة الصحة العالمية تقود بانتظام مراجعات الخبراء الذين يفحصون هذه النظم فحصًا دقيقًا.

وقد اجتمع مؤخراً 18 مسؤولاً تقنياً وخبيرًا في ترصُّد شلل الأطفال من منظمة الصحة العالمية واليونيسف والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها ومؤسسة بيل وميليندا غيتس وشبكة الصحة العامة في شرق المتوسط مع موظفي وزارة الصحة في الخرطوم لتبادل نتائجهم وتوصياتهم بعد تدقيق أداء الترصُّد في السودان على المستوى الاتحادي ومستوى الولايات.

وقالت الدكتورة نعيمة القصير، ممثلة منظمة الصحة العالمية لدى السودان، في استعراض أجري من 27 تشرين الثاني/نوفمبر حتى 7 كانون الأول/ديسمبر: "لم يشهد السودان أي حالة لشلل الأطفال منذ تسع سنوات تقريبًا، إلا أن هناك عوامل معينة تعرِّض السودان للخطر الشديد من وفادة فيروس شلل الأطفال إليه" . وأضافت قائلة: "من المهم جداً أن يظل السودان على أهبة الاستعداد ضد شلل الأطفال وأن يحلل باستمرار ترصد الشلل الرخو الحاد ويحسّن من مستواه، وبخاصة في المناطق المعرضة للخطر".

 

تحليل جودة الإبلاغ عن ترصُّد الشلل الرخو الحاد على المستوى الميداني. صورة: مقدَّمة من منظمة الصحة العالمية في السودانتحليل جودة الإبلاغ عن ترصُّد الشلل الرخو الحاد على المستوى الميداني. صورة: مقدَّمة من منظمة الصحة العالمية في السودان"إن الترصُّد القوي للشلل الرخو الحاد، بالإضافة إلى الحفاظ على مستويات عالية من التغطية بالتمنيع الروتيني، هما حجر الزاوية في جهود استئصال شلل الأطفال - ومن خلالها يمكننا الكشف عن فيروس شلل الأطفال بسرعة إذا كان آخذًا في السريان ومواجهته باستجابة مناسبة" هذا ما ذكرته في الاجتماع الدكتورة نعيمة عبيد، الخبيرة التقنية رفيعة المستوى من المركز الإقليمي لاستئصال شلل الأطفال التابع لمنظمة الصحة العالمية في عمَّان، الأردن. وأضافت: "لا يحتمل وجود هامش للخطأ، وفي البلدان المعرضة للخطر وتواجه التحدِّيات مثل السودان، نحتاج إلى فحص شامل لنظم [ترصُّد الشلل الرخو الحاد] حتى تكون حساسة وسريعة بما فيه الكفاية [للكشف عن سريان العدوى]. وهذه الممارسة ينبغي الاستمرار فيها حتى بعد الإشهاد على خلو العالم من شلل الأطفال". 

عوامل الخطر والاستراتيجيات الخاصة

التلقيح ضد شلل الأطفال عند نقاط العبور الحدودية. صورة: مقدَّمة من منظمة الصحة العالمية في السودانالتلقيح ضد شلل الأطفال عند نقاط العبور الحدودية. صورة: مقدَّمة من منظمة الصحة العالمية في السودان

السودان يحتل المرتبة الثالثة من حيث كبر المساحة في أفريقيا، ويقطن فيه ما يزيد على 40 مليون نسمة. ويجعل انعدام الأمن والنزوح القسري وتكرار حركة السكان الرحل وعدم إمكانية الوصول إليهم في بعض المناطق من الصعب على العاملين الصحيين أن يصلوا باستمرار إلى جميع الأطفال لإعطائهم اللقاحات من أجل بناء المناعة لديهم. وتؤدي تدفقات اللاجئين عبر الحدود التي يسهل اختراقها مع البلدان المجاورة التي تضررت من النزاعات إلى تفاقم المخاطر الوبائية والضغوط المعقدة الملقاة على عاتق النظام الصحي المنهك بالفعل في البلد. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لدرجات الحرارة المرتفعة في جنوب الصحراء الكبرى والتضاريس الوعرة أن تجعلا من الصعب جمع عينات براز ونقلها للمختبر لفحصها في الوقت المناسب من الأطفال الذين يعانون من الشلل الرخو الحاد.

وقد وضعت استراتيجيات خاصة على مستوى الولايات والمحليات والوحدات الإدارية من أجل تلبية التحدِّيات المحددة في مجال الترصُّد المرتبط بالوصول إلى الفئات المعرضة لمخاطر عالية. ومن الأمثلة على ذلك عمليات البحث النشط عن حالات الشلل الرخو الحاد وجمع العينات من قِبَل الموظفين المعنيين بالترصُّد المجتمعي في المناطق التي تعاني من مصاعب الوصول، ورسم خرائط لحركة السكان النازحين، وإقامة اتصالات منتظمة مع جهات الاتصال المجتمعية البدوية التي تبلغ عن حالات الشلل الرخو الحاد عن طريق الهاتف المحمول. وفي مخيمات اللاجئين، أتاحت نقاط التلقيح فرصة للكشف عن الأطفال المصابين بالشلل الرخو الحاد، كما ساعد التعاون والتوعية بين موظفي المنظمات غير الحكومية على تحسين الإبلاغ عن حالات الشلل الرخو الحاد.

وقد روجعت في الاجتماع هذه الاستراتيجيات وغيرها، وهذا اشتمل على الاستراتيجيات، التي تستهدف الأطباء العاملين في القطاعين العام والخاص، وجودة البيانات المستمدة من 688 مرفقًا صحيًا تبلغ عن الشلل الرخو الحاد في السودان.

الاستنتاجات والخطوات المستقبلية

فريق الاستعراض الدولي يجتمع مع فريق الترصد المحلي قبل الشروع في الزيارات الميدانية. صورة مقدَّمة من منظمة الصحة العالمية في السودان.فريق الاستعراض الدولي يجتمع مع فريق الترصد المحلي قبل الشروع في الزيارات الميدانية. صورة مقدَّمة من منظمة الصحة العالمية في السودان.

لقد جرى طوال فترة الاستعراض تقييم 18 ولاية، وأجريت زيارات إلى 90 مرفقًا صحيًا، وإلى أسر 16 طفلاً مصابين بالفيروس، وإلى الفئات السكانية المعرضة لخطورة مرتفعة. وباستخدام الأدوات المعيارية، قيّمت الفرق جودة استقصاء الحالات وتوثيق الترصُّد، فضلاً عن خطط الاستعداد والتأهُّب للفاشيات. وكانت الاستنتاجات العامة هي وجود هياكل راسخة على جميع المستويات لترصُّد الشلل الرخو الحاد في السودان. وأن هذا النظام يفي بالأهداف العالمية لترصُّد الشلل الرخو الحاد، ومن غير المرجح سريان فيروس شلل الأطفال دون الكشف عنه، ولكن هناك ثغرات تحتاج إلى معالجة.

وقالت الدكتورة نعمة عبيد: "إن أداء نظام الترصُّد في السودان حساس بما فيه الكفاية، وكان من دواعي سرورنا أن نرى تنفيذ التوصيات التي صدرت عن المراجعة الأخيرة". وأضافت: "بيد أنه يتعيَّن إيلاء المزيد من الاهتمام بالترصُّد في مجتمعات اللاجئين والسكان العابرين للحدود، والاهتمام بالمسائل البرمجية مثل ارتفاع معدل دوران العاملين في الترصد الوطني". وأضافت: "إننا نشجِّع حكومة السودان على تنفيذ التوصيات التي قدمت في المراجعة لمعالجة هذه الثغرات والثغرات الأخرى لأنها ستعمل على تعزيز الترصُّد على المستويين الوطني ودون الوطني".

وقالت الدكتورة نعيمة القصير: "إن منظمة الصحة العالمية وشركاءها يثنون على حكومة السودان لما تبذله من جهود حتى الآن، ويقفون على أهبة الاستعداد لتقديم المشورة والدعم للحفاظ على البلاد خالية من شلل الأطفال". واضافت "وحتى بعد أن ينتهي شلل الأطفال إلى الأبد على الصعيد العالمي، يجب أن نبذل كل جهد لمنع عودة ظهوره".

وقد شهد السودان آخر حالة لفيروس شلل الأطفال البري المحلي في عام 2001. ومنذ ذلك الحين، تعرض السودان لوفادة فيروس شلل الأطفال البري عدة مرات من تشاد وإثيوبيا وكانت آخر حالة قد ظهرت في آذار/مارس 2009.