تقوية النُظُم الصحية لتحقيق التغطية الصحية الشاملة

التغطية الصحية الشاملة

انصَب تركيز منظمة الصحة العالمية، في عام 2014، على تقديم الدعم التقني للدول الأعضاء، من أجل تنفيذ التزاماتها وفقاً لما ورد في قرارَي اللجنة الإقليمية، ش م/ل إ 59/ق-3 (2012) و ش م/ل إ 60/ق-2 (2013). وكان إطار العمل بشأن التقدُّم صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة، والربط بين مختلف الالتزامات، قد حظي بدعم اللجنة الإقليمية، وذلك في دورتها الحادية والستين، التي عُقِدَت في تشرين الأول/أكتوبر 2014.

التمويل الصحي

يُعَدُّ وجود استراتيجيات للتمويل الصحي تستند إلى البيِّنات ومحددة السياق، أمراً ضرورياً، بل ولازماً لمتابعة تحقيق هدف التغطية الصحية الشاملة. ويؤدِّي نقص المعلومات المتعلقة بالترتيبات المؤسسية والتنظيمية لنُظُم التمويل الصحي، وتدفق الأموال في العديد من بلدان الإقليم، إلى عرقلة الجهود في مجال وضع استراتيجيات للتمويل الصحي مُسنَدَة بالبيِّنات. وعلاوة على ذلك، فإن الخبرات الوطنية المحدودة في مجال التمويل الصحي بوجه عام، وتلك الخاصة بترتيبات محددة في مجال التمويل الصحي، مثل التمويل الصحي الاجتماعي، على وجه الخصوص، تُعَدُّ أمراً بالغ الأهمية من أجل المضيّ قُدُماً في هذا المجال.

وقد شمل الدعم الذي قدَّمته المنظمة في مجال وضع استراتيجيات التمويل الصحي، بناء القدرات الوطنية في مجال إنتاج المعلومات الكمِّية من خلال اتباع الحسابات الصحية الوطنية، والمعلومات النوعية من خلال اعتماد أداة التقييم التنظيمي لتحسين التمويل الصحي. وقد تحوَّل محور الدعم التقني من الدعوة إلى التمويل الصحي إلى تنمية المهارات في بعض المجالات مثل إنشاء برامج التأمين الصحي الاجتماعي، والشراء الاستراتيجي، والتعدد القطاعي، والتغطية الصحية الشاملة، وذلك من خلال عقد المشاورات الإقليمية وإعداد وثائق السياسات في هذا المجال. وتجرى تنمية القدرات لدى مجموعة من الخبراء والباحثين في مجالات قياس الحماية من المخاطر المالية، وذلك في إطار رصد التقدُّم المحرَز في ما يتعلق بتحقيق التغطية الصحية الشاملة، وإجراء دراسات التقييم الاقتصادي.

وعلى مستوى البلدان، قدَّم المكتب الإقليمي الدعم التقني للعديد من البلدان لصياغة رؤية واستراتيجية وخارطة طريق وطنية من أجل المضيّ قُدُماً صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة. وقد سبق ذلك إجراء العديد من الدراسات التشخيصية في ما يتعلق بالوظائف المختلفة للتمويل الصحي.

وسيتواصَل التركيز في العمل، خلال 2015، على التدخُّلات الرئيسية للعمل على تحقيق التغطية الصحية الشاملة، بما في ذلك وضع رؤية، واستراتيجية وخارطة طريق وطنية لتحقيق التغطية الصحية الشاملة، تكون مدرجة إدراجاً كاملاً في إطار السياسات الوطنية، وتوسيع نطاق التغطية بأنظمة التأمين الصحي الاجتماعي، ومدّ نطاق الحماية المالية ليشمل الشرائح السكانية العاملة في القطاع غير الرسمي والشرائح السكانية المعرَّضة للمخاطر، والحدّ من إنفاق الأشخاص المباشر من أموالهم الخاصة.

الحَوْكَمَة في مجال الصحة وحقوق الإنسان

تمثل السياسات والاستراتيجيات والخطط المستنيرة بالبيِّنات حجر الزاوية بالنسبة إلى التقدُّم صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة. ولا تمتلك وزارات الصحة في معظم البلدان القدرات المناسبة التي تمكِّنها من صياغة سياسات وخطط استراتيجية مستنيرة بالبيِّنات. كما أن قدرتها محدودة أيضاً في الحصول على معلومات رفيعة الجودة، واستخدامها للاسترشاد بها في إعداد السياسات والاستراتيجيات الخاصة بها. وعدم الاستقرار السياسي الحالي والأزمات الاجتماعية التي تشهدها مناطق عديدة في هذا الإقليم، إضافة إلى محدودية التنسيق والمواءمة بين شركاء التنمية لدعم خطة صحية وطنية واحدة، بعضاً من التحدّيات الإضافية التي يواجهها العديد من بلدان المجموعتين الثانية والثالثة(1).

وعلى صعيد آخر، وفَّرت الجهود المتواصلة لتقييم أوضاع التخطيط الصحي الوطني صورة أفضل لمواضع القوة ومَواطن الضعف بشكل عام، والتحدّيات التي تواجه السياسات الصحية والتخطيط الصحي في وزارات الصحة. وفي إطار الجهود المبذولة لبناء القدرات في المكاتب القُطرية للمنظمة، من أجل دعم البلدان في عمليات صياغة السياسات الصحية الوطنية والتخطيط الصحي، حضر كبار الموظفين في المنظمة حلقات عمل حول التخطيط الصحي الاستراتيجي، عُقِدت بالتعاون مع كلية نوفيلد للصحة العمومية، ومركز التنمية الدولية التابع لجامعة ليدز، بالمملكة المتحدة. ومن المقرر بناء القدرات الوطنية في مجال التخطيط الصحي الاستراتيجي، وتنظيم القطاع الصحي، وكذلك مراجعة أوضاع التنسيق بين شركاء التنمية، وفاعلية المساعدات الخارجية، وذلك في عدد من البلدان.

ويواجه الإقليم تحدّيات طويلة الأمَد في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، والإنصاف، ومراعاة حقوق الإنسان في مجال الصحة. ومن بين العوامل المهمة المؤدّية إلى ذلك، الصراعات الممتدة، ومعدّلات الفقر المتنامية، والمستويات المتفاوتة في الأجور وعدم المساواة، ووجود الفئات المعرَّضة للمخاطر والمهمَّشة. ولا يزال هناك نقص في البيانات المصنَّفة وتقييم درجة التأثُّر بالمخاطر، التي يُستهدى بها في رسم سياسات الصحة العمومية، ويُسترشَد بها في الإجراءات التي تُتخذ من خلال "منظور حقوق الإنسان".

وقد ساعدَت مراجعة البيِّنات والثغرات القائمة، والدعوة المتواصلة في هذا المجال، على تعزيز إدماج المساواة بين الجنسين ومراعاة حقوق الإنسان في جميع أعمال المنظمة. وتم إعداد دورة تدريبية عن الصحة وحقوق الإنسان، وتم تجريبها في مصر، وذلك بالتعاون مع الجامعة الأمريكية في القاهرة. كما تم إجراء تقييم خارجي لهذه الدورة، ويجرى حالياً تقديمها في باكستان، كما تم تقديمها في بلدان أخرى خلال عام 2015.

وهناك حاجة إلى تحديث القوانين والتشريعات الخاصة بالصحة العمومية، فضلاً عن الحاجة إلى تعزيز قدرات وزارات الصحة في مجالات إعداد وتنفيذ ورَصْد التشريعات. وتم الانتهاء من مراجعة الأوضاع والقدرات الخاصة بتنظيم القطاع الصحي الخاص، وذلك في أربعة بلدان. ويجرى، بالتعاون مع المقرّ الرئيسي للمنظمة، إعداد دليل خاص بذلك. وعلى جانب آخر، تم، بالتعاون مع معهد أونيل التابع لجامعة واشنطن، إعداد لوحة متابعة تلخِّص البيِّنات العالمية ذات الصلة بقوانين الصحة العمومية في مجال الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، والتي سيتم تقديمها إلى البلدان كدليل إرشادي لاستحداث تدخُّلات تنظيمية لعلاج الأمراض غير السارية.

وسيتم التركيز، خلال 2015، على بناء قدرات وزارات الصحة في مجالات التخطيط الاستراتيجي، وذلك من خلال تدريب الموظفين الوطنيين، ومن خلال تقديم التوجيهات يسيرة الاستخدام، من أجل وضع خطط استراتيجية فعَّالة. وسوف يُولى الاهتمام اللازم لبناء القدرات في مجال سَنْ التشريعات الصحية، وإعداد اللوائح والأنظمة، ووضع المعايير وإنفاذها، مع التركيز على القطاع الخاص. وسيتم إجراء تقييم لمدى فعالية المساعدات الخارجية، وحالة تدفق المعونات في البلدان، ولاسيَّما تلك التي تواجه أوضاع النزاعات.

واستجابة لطلب الدول الأعضاء، أطلقت المنظمة، في عام 2013، مبادرة إقليمية لتقييم قدرات الصحة العمومية في البلدان، وذلك من خلال تحديد الوظائف الأساسية للصحة العمومية ذات الصلة بالسياق الخاص بالإقليم. وأجرَت المنظمة، في عام 2014، تقييماً لبلدين اثنين هما قطر والمغرب، بدعم من المنظمة ومن فريق من الخبراء الدوليين في مجال الصحة العمومية. ومن خلال هذا التقييم، سيكون بمقدور البلدان، بقيادة وزارات الصحة فيها، التعرُّف على مواضع القوة في نظمها الصحية العمومية، وكذلك المجالات التي تتطلب تعزيزا. وقامت المنظمة، في أيار/مايو 2015، بتنظيم اجتماع ضَمّ مجموعة صغيرة من الخبراء الدوليين في مجال الصحة العمومية، إلى جانب ممثلين من البلدَيْن اللذَيْن أجريا التقييم، وذلك لمناقشة هذه التجربة ومراجعة أداة التقييم، وصقل عملية التقييم ومتابعتها. وتجرى حالياً عملية تنقيح لأدوات التقييم لجعلها يسيرة الاستخدام، وسيعقب ذلك طرح هذه المبادرة على بلدان أخرى.

تنمية القوى العاملة الصحية

لا يزال وضع القوى العاملة الصحية يعكس الاتجاهات العالمية في ما يختص بالنقص العددي، والتوزيع غير العادل، والاحتفاظ بالعاملين، والأداء. فالكثافة العددية للقوى العاملة الصحية عموماً تقع دون المستوى الأمثل، كما أن سوء التوزيع، والاحتفاظ بالعاملين، وهجرتهم، والاعتماد الزائد على القوى العاملة الصحية الأجنبية، تمثِّل تحدّيات مفزعة تعرقل خطوات التقدُّم صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة في العديد من البلدان. ويمثل غياب القدرات المؤسسية للتخطيط في مجال القوى العاملة الصحية الوطنية عقبة أخرى، إلى جانب عدم كفاية مصادر المعلومات.

وعلى حين تبدو الثغرات في مجال تنمية القوى العاملة الصحية واضحة جليَّة، فإن الحلول لمعالجة هذه الثغرات لا تكون دائما على نفس القدر من الوضوح. وسعياً إلى مجابهة هذا التحدّي، فقد تم وضع إطار عمل استراتيجي إقليمي للقوى العاملة الصحية، وذلك في أعقاب استعراض نقدي أجراه فريق من الخبراء الدوليين واجتماع تشاوري إقليمي وذلك بهدف المساعدة على دفع جدول أعمال القوى العاملة الصحية قُدُماً. وسيكون إطار العمل هذا متّسقاً مع الاستراتيجية العالمية للقوى العاملة الصحية التي يعكف على إعدادها حالياً المقرّ الرئيسي للمنظمة والتحالف العالمي للعاملين في مجال الصحة.

وأُعيد النظر في مجال التعليم الطبي، بعد توقُّف دام ما يقارب عقدين من الزمن، وأُجري مسح شامل عبر شبكة الإنترنت استهدف ما يربو على 300 كلية من كليات الطب. وقد أكّد المسح، ضمن جملة أمور، على ضرورة التحرُّك صَوْب خصخصة التعليم الطبي، كما أظهر عدم الكفاية من حيث التنظيم، وغياب نُظُم الاعتماد، ووجود مقررات دراسية تعتمد على الـمُعلِّم، واستخدام طرق تقييم تقليدية لا ترتبط بحصائل التعلم والكفاءات. وقد عُرضت هذه النتائج في اجتماع ضَم قيادات إقليمية ودولية في مجال التعليم الطبي. وتم وضع خارطة طريق لتوجيه كليات الطب لأن تصبح أكثر قابلية للمساءلة الاجتماعية، ولأن تكون موجَّهة لخدمة المجتمع ومعتمدة، وذلك دعماً لمسعى التغطية الصحية الشاملة. وستقوم اللجنة الإقليمية، في دورتها الثانية والستين، بمناقشة موضوع التعليم الطبي، حيث يُنتظر، في أعقاب ذلك، أن تقوم البلدان بتكييف إطار العمل الإقليمي بما يتلاءم والأولويات الوطنية في هذا المجال.

ويجرى حالياً إعداد الخطط لتنفيذ مراجعة شاملة لأوضاع التمريض والقبالة في بلدان الإقليم. ويتمثّل الغرض من هذه المراجعة في تقديم توجهات استراتيجية واضحة ترتكز على إجراءات عملية وفعَّالة وتستند إلى البيِّنات والبراهين، وتسترشد بمعلومات موثوقة وممارسات جيدة.

وتم تقديم الدعم التقني للمنظمة العربية للتنمية الإدارية، التابعة لجامعة الدول العربية، وذلك من خلال المؤتمر حول هجرة القوى العاملة الصحية. وشارك المكتب الإقليمي في الاجتماع السنوي التاسع للجمعية الدولية للمعاهد الوطنية للصحة العمومية، الذي عُقِد لأول مرة في إقليم شرق المتوسط، وعُقِد على هامشه اجتماع للمعاهد الإقليمية للصحة العمومية، وذلك للتشجيع على إقامة الشبكات وإعداد البرامج التعاونية لتعزيز الصحة العمومية في هذا الإقليم.

وواصَل برنامج البعثات الدراسية دعم البلدان في بناء القدرات الوطنية في المجالات الخمسة ذات الأولوية في الإقليم، حيث استفاد 74 مبعوثا من جميع أنحاء الإقليم من هذا البرنامج. وكان انخراط هذا البرنامج وثيقاً في تنظيم برنامج القيادة من أجل الصحة، وذلك بالتعاون مع كلية الصحة العمومية بجامعة هارفارد. وكان قد تم إطلاق هذا البرنامج مطلع عام 2015، بهدف تنمية مهارات قادة المستقبل في مجال الصحة العمومية بما يمكِّنهم من القيام، بصورة استباقية، بالتصدِّي للمشكلات الصحية الوطنية والمحلية التي تؤثِّر تأثيراً مباشراً على صحة السكان، والقيام بأدوار فعّالة في مجال الصحة العمومية على الصعيد العالمي. وقد قُدِّم هذا البرنامج على جزءين في كل من جنيف ومسقط، وأثنى المشاركون والميسرون على كِلا العنصرين. واستناداً إلى النجاح الأولي الذي أحرزه البرنامج، والطلب الكبير عليه، فسوف تبدأ الدورة الثانية منه في تشرين الثاني/نوفمبر 2015.

وسوف يُولى اهتمام خاص في عام 2015، إيلاء اهتمام خاص لمساعدة البلدان على وضع استراتيجيات وخطط عمل وطنية خاصة بالقوى العاملة الصحية، وتنفيذ الاستراتيجيات الرامية إلى تقوية التعليم الطبي والتمريض والقبالة. وسوف تتضمَّن المبادرات الجديدة تقييم أنشطة التنمية المهنية المستمرة للأطباء، وتحسين تقارير الإبلاغ الواردة من البلدان حول تنفيذ مدونة منظمة الصحة العالمية لقواعد الممارسة بشأن توظيف العاملين الصحيين على المستوى الدولي.

الأدوية والتكنولوجيات الأساسية

أبرزَت المرتسمات القُطرية للقطاعات الدوائية، التي أعدَّت في عام 2014، وجود ثغرات في مجالات أساسية ذات صلة بالسلطات المعنية بتنظيم الأدوية، بما يشمل الهيكل التنظيمي والقدرات التقنية؛ والسياسات الدوائية الوطنية؛ والشفافية والمساءلة في مجال تنظيم وتوريد المنتجات الطبية؛ وآليات احتواء مقاومة مضادات الميكروبات؛ والترويج للمنتجات الطبية والإعلان عنها؛ وإتاحة الأدوية الخاضعة للمراقبة، بما في ذلك الأدوية المستخدمة في التدبير العلاجي للآلام.

ونوقشَت أساليب تقوية القدرات التنظيمية الخاصة بالأدوية والأجهزة الطبية، وذلك خلال مؤتمر سلطات تنظيم الدواء في إقليم شرق المتوسط، الذي عُقِد في أيار/مايو 2014. وكان قد أجري، قُبَيل انعقاد هذا المؤتمر، مسح على 17 من السلطات التنظيمية الوطنية، والذي أظهر أن لدى غالبية هذه السلطات (80%) مهاماً تنظيمية أساسية قائمة، وأنها جميعاً مسؤولة عن تسجيل المنتجات الطبية، وأن 40% فقط من السلطات التنظيمية الوطنية يَقوم بتسجيل الأدوية الخاضعة لاختبار المنظمة المسبَق للصلاحية، عبر المسار السريع، بينما يقوم نحو 80% من هذه السلطات بتسجيل اللقاحات عبر هذا المسار السريع.

وشهد العمل في مجال الإدارة (الحَوْكَمَة) الرشيدة للأدوية تقدماً في 16 بلدا من بلدان الإقليم. وكان قد تم التركيز، في أحد الاجتماعات الإقليمية على إدارة تضارُب المصالح باعتبارها قضية ذات أولوية في سياسات الحَوْكَمَة. ويُعَدُّ برنامج الإدارة الرشيدة للأدوية في هذا الإقليم، البرنامج الأكثر تطوراً بين جميع أقاليم المنظمة، في ظل وجود 6 بلدان في المرحلة الأولى من هذا البرنامج، و7 بلدان في المرحلة الثانية، وثلاثة بلدان في المرحلة الثالثة منه. وقد أظهرَت المرتسمات المحدَّثة للقطاع الدوائي في جميع البلدان أن فُرَص الحصول على الأدوية الخاضعة للمراقبة لعلاج الآلام والاضطرابات النفسية، ما تزال محدودة جداً، الأمر الذي يجعل المرضى يعانون، بينما لا ينبغي لهم أن يعانوا من ذلك. وتَقدَّم العمل كذلك في مجال تقييم وتنظيم وإدارة التكنولوجيا الصحية، في ظل إنشاء الشبكة الإقليمية لتقييم التكنولوجيا الطبية في إقليم شرق المتوسط، من أجل تَشَاطُر المعلومات وتبادُل المعارف في هذا المجال. وجاء ذلك كمحصِّلة للاجتماع البلداني الثاني بشأن تنمية القدرات الوطنية لتقييم التكنولوجيا الصحية. وأجري مسح إقليمي من أجل رسم خارطة لموارد تقييم التكنولوجيا الصحية. وقد أظهر هذا المسح، الذي استهدف المسؤولين والرواد في مجال التكنولوجيا الصحية في 15 بلداً، أن 52% من الكيانات الإقليمية تجري أنشطة شبيهة بالتقييم، والتي تتعلق بشكل أساسي بقياس مدى الفعالية السريرية والتقييم الاقتصادي للأجهزة الطبية والأدوية. وأوضح المسح كذلك أن هناك حاجة إلى إعادة تنظيم و/أو البدء في القيام بأنشطة تقييم في هذا الإقليم لتهيئة المجال لاستثمارات رشيدة في تكنولوجيات صحية تكون متاحة لغالبية السكان.

وقامت المنظمة، في عام 2014، بإجراء الاختبار المسبق للصلاحية لأول منتَجين طبيين لشركة مستحضرات صيدلانية محلية في مصر، وكذلك لأول مختبر لمراقبة جودة الأدوية في القطاع الخاص في باكستان. وهناك مختبرات وطنية لمراقبة جودة الأدوية في بلدين آخرين أوشكت على اجتياز الاختبار المسبق للصلاحية الذي تجريه المنظمة.

وسيتم التركيز، في عام 2015، على تنفيذ قرارات جمعية الصحة العالمية بشأن تقوية النُظُم التنظيمية للمنتجات الطبية، بما يشمل تعزيز أنشطة التيقُّظ الدوائي. كما سيتم تعزيز أنشطة الإبلاغ عن المنتجات الطبية المزيّفة. وسيتم أيضاً تقديم الدعم لوضع خطط العمل الوطنية لتعزيز ترصُّد مقاومة مضادات الميكروبات، واستعمال الأدوية المضادة للميكروبات على نحو مسؤول، وذلك تماشياً مع خطة العمل العالمية بشأن مقاومة مضادات الميكروبات.

تقديم الخدمات المتكاملة

على الرغم من التزام معظم البلدان في الإقليم بتعزيز طب الأسرة، يتَّسِم تنفيذ هذا الالتزام بالتفاوت وعدم الاتساق. فقد أظهر تقييم أُجري لوضع طب الأسرة، وجود فجوات كبيرة من حيث الالتزام السياسي، وتسجيل المرضى، وحِزَم الخدمات الصحية الأساسية، وقوائم الأدوية الأساسية، ونُظُم الإحالة، والموظفين. ومن بين التحدّيات الكبيرة الأخرى في هذا المجال، النقص الحاصل في أعداد الأطباء المدرَّبين على ممارسة طب الأسرة، وعدم قدرة برامج التدريب الحالية على تلبية القدر الهائل من الاحتياجات المطلوبة في هذا المضمار.

ويشكِّل غياب الرعاية الرفيعة الجودة على مستوى الرعاية الصحية الأولية، والتوسُّع غير المنظَّم للقطاع الصحي الخاص في معظم بلدان المجموعتين الثانية والثالثة، تحدّيات إضافية. وتَستهلك مستشفيات القطاع العام نسبة كبيرة من ميزانيات الصحة، وهي لا تلبِّي معايير الجودة والسلامة في كثير من البلدان، كما أنها تعتمد بشكل متزايد في بلدان أخرى على الرسوم التي يسددها متلقّو الخدمة. والمستشفيات عموماً، ليست مندمجة بشكل متكامل ضِمن النظام الصحي، ولا توفِّر الدعم في ما يتعلق بالإحالة.

ويحظى طب الأسرة بالتشجيع باعتباره النهج الرئيسي لتوفير الخدمات المتكاملة التي تركِّز على الناس. وقد تم، في اجتماع تشاوري إقليمي عُقِد بالتعاون مع المنظمة العالمية لأطباء الأسرة، عرض تحليل للأوضاع الحالية لبرامج طب الأسرة، والتدريب الخاص بأطباء الأسرة. وأظهر تحليل للموقف، أجري في عام 2014، أن معظم البلدان قد وضع حزمة أساسية من الخدمات، وهي تطبَّق بالفعل في عدد يزيد قليلا عن نصف عدد البلدان، وأن نظاماً لتسجيل المرضى، وملفات للأفراد/الأسر يُعمل به في نصف عدد البلدان، كما أن نظام الإحالة يعمَل بشكل جزئي أو كلي في خمسة بلدان. ومع ذلك، فإن ما يربو على 90% من الأطباء العاملين في مرافق الرعاية الأولية غير مدرَّبين في مجال طب الأسرة. وهناك أقسام خاصة بطب الأسرة متوافرة في 13 بلداً، ويبلغ عدد أطباء الأسرة المتخرجين منها سنوياً 700 طبيباً، يأتي معظمهم من بلدان المجموعة الأولى.

وتم وضع خارطة طريق لتعزيز تقديم الخدمات من خلال نهج طب الأسرة، وهي تتسق مع إطار العمل المعدّ من أجل التقدُّم نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة. وستتواصل الدعوة، خلال 2015، للعمل على توسيع نطاق نهج طب الأسرة باعتباره النهج الرئيسي لتوفير الخدمات المتكاملة التي تركِّز على الناس. وسيكون تبادل البيِّنات حول كيفية التوسُّع في تخريج لأطباء الأسرة على الأمدَيْن القريب والمتوسط، من بين المهام الأساسية في هذا المجال.

وقد أُجريَت دراسات عديدة أيضاً من أجل الحصول على فهم أفضل للقطاع الصحي الخاص، بما في ذلك تقييم جودة وتكلفة الرعاية في القطاع الصحي الخاص، وذلك في ستة بلدان، ولأوضاع تنظيم القطاع الخاص في أربعة بلدان، علاوة على استعراض الدروس المستفادة من الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وعُرضَت نتائج هذه الدراسات في أحد الاجتماعات التشاورية الإقليمية، الأمر الذي أفضى إلى تحديد عدد من الأولويات في ما يتعلق بالعمل مع القطاع الخاص.

وعُقِد اجتماع تشاوري إقليمي حول جودة وسلامة الرعاية في بلدان الإقليم، تم تنظيمه بالتعاون مع المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية. وتم تحديث دليل تقييم سلامة المرضى، الذي نُشِر في عام 2011، واختباره ميدانيا في بلدين، كما تم إعداد مجموعة أدوات لسلامة المرضى. ويجرى حالياً تجريب إطار عمل لتقييم وتحسين الجودة على مستوى الرعاية الصحية الأولية. وسيتم تكثيف أنشطة بناء القدرات في مجالات سلامة المرضى، والجودة، والتقييم، والتنظيم، والشراكة مع القطاع الصحي الخاص، والرعاية في المستشفيات وإدارتها.

وتُعَدُّ الرعاية في المستشفيات وإدارتها واحدة من مجالات العمل الجديدة التي تلقى اهتماما متزايداً. وينصب التركيز على إجراء تحليل شامل لأوضاع مستشفيات القطاع العام في الإقليم. وتم تقديم برنامج تعليمي في مجال إدارة المستشفيات، عُقِد بالتعاون مع جامعة أغاخان في كراتشي، وذلك للبلدان التي تشهد نزاعات. ويجرى حالياً تحديث لهذه الدورة تمهيداً لنشرها في الإقليم.

وتم تقديم الدعم التقني كذلك للبلدان المؤهَّلة لتقديم طلبات جديدة لتلقِّي الدعم من التحالف الدولي للقاحات والتمنيع. وتبلغ قيمة دعم التحالف لتقوية النُظُم الصحية 85 مليون دولار أمريكي. وعُقدَت، بالتزامن مع ذلك، حلقات عمل لتنمية قدرات النظام الصحي، بغرض بناء قدرات مديري البرامج في هذه البلدان.

نُظُم المعلومات الصحية

كان هناك عمل مكثَّف لمراجعة نُظُم المعلومات الصحية في الإقليم والذي تم من خلال اجتماعات تشاورية لخبراء في هذا المجال، واجتماعات بلدانية، وتقييمات سريعة وشاملة، حيث تم تحديد الثغرات والتعرُّف على التحدّيات، ومن ثَمَّ تطوير نَهج لتقوية نُظُم المعلومات الصحية الوطنية. ومن شأن إطار نُظُم المعلومات الصحية الذي أفضت إليه تلك المراجعة، والمؤشرات الأساسية التي أقرَّتها اللجنة الإقليمية (القرار ش م/ ل إ 61 / ق-1)، أن يقدِّم توجيهات واضحة للبلدان في هذا الشأن. ويغطي الإطار الإقليمي لنُظُم المعلومات الصحية ومؤشراته الأساسية مجالات ثلاثة هي: المخاطر والمحددات الصحية، والوضع الصحي، وأداء النُظُم الصحية.

وكان للتركيز على تعزيز الإحصاءات الخاصة بالوفيات التي تُعزَى لأسباب محددة، على النحو الموصَى به في الاستراتيجية الإقليمية لتعزيز نُظُم تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية، التي أقرّتها اللجنة الإقليمية في عام 2013، أثره الذي تمثَّل في زيادة عدد البلدان التي تقوم برفع تقارير بإحصاءات الوفيات، من 7 بلدان (الأردن، والبحرين، وعُمان، وقطر، والكويت، ومصر، والمغرب)، إلى 12 بلداً (بإضافة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية إيران الإسلامية، وباكستان، وتونس، وفلسطين، والمملكة العربية السعودية). وقد تحسَّنت جودة المعلومات التي ترد في هذه التقارير بعض الشيء، غير أنه لا يزال هناك المزيد من العمل الذي ينبغي القيام به في هذا المجال من أجل الوصول إلى مستوى جودة مثالي. وتم إنشاء مركز متعاون مع المنظمة في الكويت لتقديم الدعم من أجل مزيد من التحسُّن في تقارير إحصاءات الوفيات والاستخدام الأفضل لسلسلة التصنيفات الدولية للمنظمة.

وتلتزم المنظمة، على مدى العامين المقبلَين، بدعم الدول الأعضاء في سعيها لتعزيز نُظُمها الخاصة بالمعلومات الصحية استناداً إلى الإطار الجديد، وتوفير معلومات موثوقة تمكِّنها من رَصْد المحددات والمخاطر الصحية، والوضع الصحي، وتقييم استجابة النُظُم الصحية، والتي بدورها، ستوفر المعلومات التي يُسترشد بها في وضع السياسات، واتخاذ القرارات من أجل تقديم رعاية صحية أفضل. كما ستواصِل المنظمة دعمها للدول الأعضاء سعياً إلى معالجة الثغرات في نُظُمها الخاصة بتسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية، الأمر الذي أوضحَته التقييمات السريعة والشاملة التي أجريَت على مدى العامين المنصرمَين.

البحث والتطوير والابتكار

عُقِد اجتماع إقليمي لأعضاء لجنة شرق المتوسط الاستشارية للبحوث الصحية ومجموعة من الخبراء في مجال البحوث، وذلك لمناقشة إدماج البحوث في عملية رسم ملامح مستقبل الصحة في الإقليم. وتم التركيز في هذا الاجتماع على تحديد أولويات البحوث في ما يتصل بالأولويات الاستراتيجية الإقليمية الخمس. ومن المنتظر أن تكتمل هذه العملية في كانون الثاني/يناير 2016، وسوف يُسترشَد بنتائجها في توجيه أنشطة البحوث في الثنائية 2016 – 2017. وكانت الدعوة إلى تقديم المقترحات البحثية في إطار المنَح الخاصة للبحوث في المجالات ذات الأولوية للصحة العمومية لعام 2014، قد ركَّزت أيضاً على الأولويات الاستراتيجية. وتم في مطلع عام 2015، تقديم اثنتي عشرة منحة تتراوح قيمتها بين 10.000 و20.000 دولار أمريكي.


1 هناك مجموعات ثلاث من البلدان تم تصنيفها في هذا الإقليم استناداً إلى الحصائل الصحية للسكان وأداء النظام الصحي ومستوى الإنفاق الصحي، وذلك على النحو التالي: بلدان المجموعة الأولى: الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وعُمان، وقطر، والكويت، والمملكة العربية السعودية؛ بلدان المجموعة الثانية: الأردن، وتونس، وجمهورية إيران الإسلامية، والجمهورية العربية السورية، والعراق، ولبنان، وليبيا، وفلسطين، ومصر، والمغرب؛ بلدان المجموعة الثالثة: أفغانستان، وباكستان، وجيبوتي، والسودان، والصومال، واليمن.