أيها السيدات والسادة،
موضوعُ يوم الصحة العالمي لهذا العام، هو (( في سبيل أمن صحي عالمي ))، وشعاره الـمُنَادي بأننا (( بالاستثمار في الصحة نبني مستقبلاً أكثر أمناً ))، يمثِّل في رأيي اختياراً موفَّقاً للتعاطي مع الأوضاع الراهنة في هذا الإقليم.
فإقليم شرق المتوسط، معرَّض، أكثر من سائر الأقاليم لوقوع الطوارئ فيه، سواء كانت طبيعية أم من صُنع الإنسان. والعديد من بلدانه يُعاني من العُدْوان الخارجي أو النزاعات الداخلية، فضلاً عن الكوارث الطبيعية، كما أن كثيراً من الأمراض تـتهدَّد الصحة في هذا الإقليم، وفي طليعتها إنفلونزا الطيور، والملاريا، ومرض الإيدز والعدوى بفيروسه، بالإضافة إلى التدهور البيئي الذي يتفاقم يوماً بعد يوم.
وإذا كانت منظمة الصحة العالمية، تتعاون تعاوناً وثيقاً، مع العديد من أصحاب الشأن المعنيـِّين، لمواجهة هذه التحدِّيات وتحقيق الأمن الجماعي من الأمراض، وحفظ الصحة في العالم، فإن علينا أن نواصل السعي لتوسيع آفاقنا، والعمل، ليس فقط مع الحكومات، بل مع المنظمات الدولية، والمجتمع المدني، وسائر التنظيمات المدنية، إذا ما كان لنا أن نقف، جنباً إلى جنب، في وجه هذه التحدِّيات الصحية والأمنية العديدة.
إن الأخطار التي تهدِّد الصحة لا توقفها حدود ولا تقف في وجهها أسوار. فالأمراض، سواء المعروفة منها أم المستجدَّة، يمكنها عبور الحدود السياسية وتهديد أمننا الجماعي دون عوائق، وذلك في ظل ما نعيشه في هذا العصر من حرية في التجارة وسهولة في السفر حول العالم. ولن يمكننا احتواء هذا الخطر وتجنُّبه إلا بالتعاون الوثيق بين البلدان المتقدِّمة والبلدان النامية، وأن يتـركَّز هذا التعاون على تقاسُم المعلومات من خلال استخدام كافة قنوات الاتصال، وتعزيز نُظُم الصحة العمومية، وأنشطة تـرصُّد الأمراض.
وبعد، فقد تقرَّرَ العملُ باللوائح الصحية الدولية المنقَّحة اعتباراً من حزيران/يونيو المقبل. ويحدونا الأمل في أن نتمكَّن، من خلال تطبيق هذه اللوائح، من أن نبني معاً آليات فاعلة للتحذير من وقوع الأوبئة والفاشيات ومواجهتها، على الصعيدَيْن الوطني والعالمي على حدٍّ سواء.
إن الأمن الصحي هو هاجس كل فرد، وهو حلم يُراود الجميع، وعلينا، لكي نجعله حقيقة وواقعاً ملموساً، أن نبادر إلى الاستثمار في هذا المجال .. فلنقف جميعاً جنباً إلى جنب ولنعمل يداً بيد، من أجل الاستثمار في الصحة كي نبني مستقبلاً أكثر أمناً.
ولنذكر دائماً حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (( من أصبح منكم مُعَافىً في بدنه، آمناً في سِرْبـِه، عنده قُوتُ يومه، فكأنما حِيزَتْ له الدنيا بحذافيرها )). وصَدَقَ الله ورسولُه.
الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري
المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط