تعثر جهود الإغاثة بسبب القصف في لبنان
تشهد الأوضاع الإنسانية في لبنان تدهوراً خطيراً من جرَّاء إغلاق الطرق أمام فِرَق الإغاثة، وتواصُل القصف والأعمال العسكرية التي طالت العاصمة بيروت وضواحيها وأدَّت إلى تدمير بنيتها التحتية ومرافقها العامة.
وأعربت منظمة الصحة العالمية مجدداً عن بالغ القلق من انعدام فرص حصول السكان في الجنوب اللبناني على مواد الإغاثة وخدمات الرعاية الصحية مع دخول الأعمال العسكرية يومها الثاني عشر، وارتفاع أعداد الضحايا حتى صدور هذا التقرير إلى أكثر من 341 قتيلاً وألف ومئتي جريح وستمئة ألف نازح لم يتمكَّن سوى 108 ألف منهم من الاحتماء بالمدارس حيث يمكن الوفاء باحتياجاتهم العاجلة على نحو أكثر تنظيماً.
وحذرت المنظمة على نحو خاص من النقص المنذر بالخطر في مياه الشرب وانخفاض الإمدادات من الوقود وعدم تأمين الغذاء وتدهور أوضاع النظافة والإصحاح وما يمكن أن ينجم عنها من أوبئة لا يمكن التنبؤ بمدى اتساع نطاقها. ولفتت الانتباه إلى أن التدمير الذي لحق بالبـِنْيَة الأساسية وانعدام الأمن يعوقان جهود توفير الرعاية الصحية المتخصِّصة والأدوية للمصابين بالأمراض المزمنة مثل مرضى السكر وضغط الدم المرتفع ومرضى القلب والفشل الكلوي وغيرهم.
وقد التقى يان إجلاند، منسِّق الإغاثة والطوارئ بالأمم المتحدة بكبار المسؤولين ورؤساء الوفود وممثلي وكالات الإغاثة لتأمين وسائل وصول المساعدات إلى المتضرِّرين، وطالب بفتح ممرات انسانية مأمونة لضمان عبور المساعدات ووصولها الى المتضررين.
وقد استعانت منظمة الصحة العالمية بأعداد أكبر من كوادرها الصحية، وكميات أكبر من الدعم اللوجيستي لتعزيز عمليات الإغاثة التي تقوم بها منداخل لبنان ومن سوريا كما تستعد لنقل مقر عمليات الإغاثة التي تقوم بها داخل لبنان إلى المدارس التي يتخذها النازحون مأوى لهم وذلك لكي تـتمكَّن من رصد أوضاعهم الصحية عن قرب، والإسراع بالتعامل مع المشكلات الصحية الأساسية والقيام بتقيـيم الظروف الخاصة بالإصحاح أولاً بأول.
وتعمل المنظمة على ترتيب تحرُّك إنساني أقليمي بحيث تنطلق عمليات الإغاثة من عواصم البلدان المجاورة وهي عمَّان/الأردن، ودمشق/سوريا، ولارناكا/قبرص، لتحقيق قدر من المرونة وحرية تنفيذ العمليات في أعقاب اتساع النظاق الجغرافي للصراع وتغيُّر الوضع الأمني.
وقدَّرت المنظمة تكلفة الشق الصحي من عمليات الإغاثة بحوالي .432 مليون دولار، ووجهت في هذا الصدد نداء عاجلاً للهيئات والحكومات وأطراف المجتمع الدولي لتوفير هذا المبلغ على نحو عاجل لتغطية الحاجة من الأدوية واللقاحات وتأمين الخدمات العلاجية والوقائية اللازمة.
تفادي كارثة في لبنان
إن المكتب الإقليمي لشرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية، يراقب بقلق واهتمام بالغين الأحداث الدامية والمشاهد المرعبة التي تتوالى كل لحظة، في لبنان، من قتلٍ للأطفال والشيوخ والنساء والعجزة، وتقطيعٍ للطرق وهدم للجسور والمباني فوق من يحتمي بها، وقصفٍ متعمِّدٍ لوسائل المواصلات والموانئ والمطارات، وإعاقةٍ للخدمات الإنسانية والطبية والإسعافية، وتخريبٍ للمرافق الحيوية، والخدمات الصحية والمدارس التي يقصدها النازحون طلباً للأمان، وتدمير للبـِنَى الأساسية، مما ينذر بحلول كارثةٍ إنسانية تعم المنطقة بأسرها، ولا تقتصر على لبنان، نظراً للنزوح الكبير للسكان، وتوقُّع أن تفاقم العواقب البيئية من التأثيرات الضارة على صحتهم، ولاسيَّما صعوبة إيصال المقومات الحياتية لمن يحتاج إليها، فانقطاع المياه والكهرباء وتعطُّل خدمات الصرف الصحي وصعوبة الانتقال من مكانٍ لآخر وانعدام الشعور بالأمن، وغياب الالتزام بكل ما تفرضه الشرائع الدولية أو المبادئ الإنسانية، كل ذلك يساهم في خلق بيئة مواتية لظهور الأوبئة والأمراض الفتَّاكة والاضطرابات النفسية لدى الأطفال والمستضعفين.
ويدعو المكتب الإقليمي إلى الالتزام بمضمون الشرائع التي نصَّت عليها المعاهدات الدولية ولاسيَّما احترام المدنيِّـين، والحفاظ على المقوِّمات الحيوية للمجتمعات المدنية، كما يدعو بشكل خاص، هذه الأيام، للاتفاق على ترسيم طُرُقٍ آمنة، تخصَّص للعاملين في الإغاثة الإنسانية والصحية، وإلى تسهيل توصيل المساعدات الطبية والغذائية لمن يحتاج إليها، دون المساس بمن يستخدمها لهذا الغرض النبيل.
فريق من منظمة الصحة العالمية وصل لبنان لتفقُّد الأوضاع
تمكَّن فريق من المكتب الإقليمي لشرق المتوسط والمقر الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية من الوصول إلى لبنان لتفقُّد الأوضاع الإنسانية والصحية على أرض الواقع وتقدير حجم الخسائر والدمار الناجم عن العمليات العسكرية الدائرة هناك ومقدار الاحتياجات العاجلة التي ينبغي تدبـيرها لإغاثة المتضرِّرين.
وتشير التقارير المبدئية التي أَعَدها فريق الطوارئ والعمل الإنساني إلى ما يلي:
● بلغ عدد الضحايا من القتلى حتى ساعة صدور هذا التقرير 202 مدنياً و18 عسكرياً.
● ارتفع عدد النازحين الذين فقدوا منازلهم إلى 400 ألف نازح حسب التقديرات المبدئية و66 500 آخرين لجأوا إلى المدارس للاحتماء بها.
● هنالك استحالة في الوصول إلى المناطق الجنوبية حيث تعرَّضت مدن للقصف وقرى بأكملها للدمار وتم ضرب الطرق وهدم الجسور والمعابر.
● لم تتمكَّن سيارات الإغاثة القادمة من دولة الإمارات من العبور وتوقَّفت عند الحدود.
● تم إجلاء مكاتب الأمم المتحدة من أغلب العاملين الأجانب ويتواصل العمل من خلال العاملين المحليِّـين.
● أسرعت منظمة الصحة العالمية بتوزيع أقراص الكلورين لتطهير مياه الشرب إلا أن هنالك صعوبة كبيرة في الوصول بالإمدادات الطبية وإنقاذ المصابين.
● تتكاتف الجمعيات الأهلية اللبنانية لتقديم المساعدات العاجلة للضحايا.
● تعمل وزارة الصحة السورية عن قرب وبتعاون وثيق مع وزارة الصحة اللبنانية وأعربت عن استعداد المستشفيات السورية لاستقبال الجرحى والمصابين.
وسيواصل فريق المنظمة القيام بمهامه العاجلة المتمثِّلة في:
● تقيـيم الوضع الصحي ورصد التهديدات الصحية مع التركيز على الفئات والمناطق الأكثر تعرضاً للخطر؛
● دعم وزارة الصحة اللبنانية بالتنسيق مع كافة الشركاء في المجال الصحي؛
● العمل مع وزارة الصحة ومنظمة اليونيسف على استعادة المهام الخاصة بالصحة العمومية مثل حملات التطعيم وتعزيز ترصُّد الأمراض بين النازحين؛
● توفير الأجهزة والعتائد الصحية الخاصة بالطوارئ؛
● دعم جهود النُظُم الصحية المحلية للحدِّ من المخاطر التي تواجه النازحين، وضمان توافُر الرعاية الصحية الملائمة.